• ×

الوقداني شاعر الأشراف

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الوقداني شاعر الأشراف
هو بديوي بن جبران بن هندي بن جبـر بن صـالح بن حجل بن مسفر الوقداني السعدي العتيبي، الأديب، الشاعر الفحل، المفلق، شاعر الأشراف
1244هـ - 1296هـ


ولادته وحياته ووفاته :

ولد الأديب بديوي الوقداني في الطائف سنة 1244 هـ، قال المؤرخ الأديب محمد سعيد كمال : (بديوي من قبيلة وقدان التي تسكن ضاحية ( نخب ) بالطائف خرج هذا الشاعر في عصره حاملاً لواء الشعر، اذا غرد اسكت البلابل واذا غنى اطرب المحافل، فارس الميدانين القريض والحميني، مدح وجهاء عصره ونال جوائزهم وبز اقرانه فلم يُلحق له غبار ، كان في بدء امره مشهوراً بنظم الحميني ثم قرأقليلاً في النحو والادب فنظم القريض وأجاد فيه، توفي رحمه الله- سنة 1296هـ، عن اثنتان وخمسون سنة .

شعره :
ابدع بديوي الوقداني في شعره حتى صار من اشهر شعراء عصره، وكان جُل شعره في مدح الأشراف حكام مكة المكرمة ونوَّع في فنونه الشعرية واغراضه.
ومن شعره الفصيح قوله :

سواجع الشوق باتت في أغانيها
تتلو فنون الهوى والوجد يمليها

ومن شعره مادحاً شريف مكة الشريف الحسين بن محمد بن عون المشهور بالشهيد , قوله :

ياراكب اللي ياخذ الحزم مواج
مواج دار وتاه في الغبتيني
يوم استشد الريح ترميه الامواج
أمواج بحريضرب الجالتيني
ضاري على قطع الفيافي وسجاج
سجاج بين الشرق والنقرتيني
محنوني كالقوس منعاج منهاج
مثل الهلال اللي ولد ليلتيني
والا كما سرحان مع فج الافجاج
والا الغزال اللي رمى مرتيني
يجفل ليا ماشاف ظل العصا ماج
راعيه ما يقدر يمد اليديني
كوره عقيلي مشترينه من الحاج
والميركة والخرج والغرتيني
ضرب عليه اليا سجا الليل وانساج
وزارت مراسيل الكرى كل عيني

خله مع الريعين والدرب مدهاج
والسيل مره ما مضى ساعتيني
واحرم بعمره واقطع الدرب منهاج
منهاج من يمشي على الفرقديني
تصبح بمكة حزة الصبح منباج
واسع وطف وصل لك ركعتيني
وانص الملوك اللي لهم نور وهاج
نور من المشرق الى القبلتيني
تلقى الوفود الهم كما وفد حجاج
يوم الثمان ومصعدين القريني
سلم عليهم واخرج الهرج مخراج
واعرف مقام الملك في الحالتيني
واخرج لهم خط طوى طي ديباج
هدية من باشة المحمليني

منظوم فيها ابيات من بحر عجاج
نظم الجواهر في سلوك اللجيني

يا عون يا سيدي وصلت انت فراج
وانا تراني عند سيدي الحسيني
حيث ان له عادة وله جود ثجاج
من معصرات الجد والوالديني
يا بن محمد يا غنى كل محتاج
ياعيد مديون تحمل بديني
خدامكم شفه من المال سيراج
والا فرنجيه لها جبدتيني
حتى يودي ذكرها كل هراج
واخبارها تاصل والعديني
وابدي لك البيضا عدد ريح الافواج
وتمشي ركاب المدح بينك وبيني
ويفرح صديقي والعدو صاده افلاج
من غبنها دمعة من العين عيني
وصلوا على من خصه الله بمعراج
محمد المختار جد الحسيني

ومن شعره الفصيح قوله :

الملك لله والدنيا مداولةٌ
وما لحيٍّ على الأيام تخليد
والناس زرع الفنا والموت حاصدهم
وكل زرع اذا ماتم محصود
الناس ذا فاقد يبكي أحبته
وذاك يبكى عليه وهو مفقود
وذاك أبدت له الأيام زينتها
وذاك ايامه هم وتنكيد
ان سالمت غدرت أو وههبت رجعت
ظل يزول وما تعطيه مردود
والدهر وجه عبوس في تقلبه
وللمنايا سهام صيدها الصيد
تصطاد ما لا تكاد الأسد تنظره
وحيلها لاصطياد الكل ممدود
لو يمنع الموت سلطانا بقوته
لكان حيا سليمان بن داود



وقال عندما وقع خاتم الشريف حاكم مكة المكرمة من اصبعه :


لا تخش يا بن رسول الله من حجرٍ
رأي المكارم في كفيّك فانفجرا

وافاك سعدك إذا وافي السعود وقد
أعطاك ربك حظاً يفلق الحجرا

ومن شعره ايضاً قوله :

يا مادح الانذال مدحك خسارة
وراك ما تمدح هل الفضل والجود
اللي يشوفون المدايح تجارة
واعراضها ماحشها علم منقود
لا تمدح اللي جالها المدح عاره
لا وارثه ابوها ولا هو بمعدود
جدّه وابوه يحلِّبُون الوباره
ويدوِّرُون التمر في مقلع العود
لو جبت له منظوم طول المنارة
ومسطرة بالمسك واقلامها العود
ضيعت مدحك في حصيني مغاره
زاده من الفيران والنمل والدود
ان الردي لو تضربه بالحجارة
والا مطارق شوك وسلاح محدود
جنبه متين ولا يخاف المعارة
ولا يعرف البيضا ولا يعرف السود
والحر دايم يحترك با لإشارة
يفزّ مثل الزّند لي قدح بارود
رجّال يسوا له ثمانين حاره
ورجّال ما يسوى ولا عظم عجرود


وله قصيدة ينصح فيها ابنه عبد العزيز عن مصاحبة البدو , يقول فيها :


عبد العزيز يالليث ياسبع غابه
ياشين ويش اللي مع البدو نشبك
مااخبلك ياباغي من البدو ثابه
البدو أن شافت معك شي تنهبك
خل البدو لعلهم للذهابه
حيث ان مذهبهم مخالف لمذهبك
احذر تطرف ياخذونك نهابه
والا ترافقهم يحتون مذهبك
ان جو على العيشه سواة الذيابه
ترفع مخالبهم عن الزاد مخلبك
الديك يذن...لو عليه الجنابه
والكلب مايومن ولو كان صاحبك
ورجالهم عنده من المدح صابه
لو تسمعه في بعض الالحان شيبك
وان جيت تذكر في النبي والصحابه
ماواحد صلى عليه وجاوبك
ماعندهم حشمه ولا مهابه
وان جيت تهرج طارف القوم كذبك

ونختم بقصيدته الرائعة في مدح الشريف عبد الله بن عون حين وصوله من الآستانه حيث يقول :

يالله ياعالم لسدي ونجواي
يا مطلع مضمون حالي ومعناي
مالي سواك ارجوه في دفع بلواي
حل العقود المحكمة في قيادي
يا قيل من غنى بزين المثايل
مثل العسل او خلف درِّ عدايل
يسبق يدي حلابها الدر سايل
ترعى حيا المصياف من كل وادي
انا من اول عفت رد النشيدي
وعذرت في الادنين واللي بعيدي
ما فادني لفظي وهو ما يفيدي
من ذا يجاوبني وانا ويش انادي
واليوم جا من كان فضله علينا
ياما تبخششنا وياما اكتسينا
وكم كان يملا بالعطايا يدينا
والفضل ما ينساه غير الجمادي
هذا وعبد الله ملكنا بجوده
ياما عطانا والخلايق شهوده
مثل البحر ما ينقصونه وروده
والمُلْك ما يبغا اليدين الشدادي
لا خير في مُلْكٍ يجي البخل يبراه
نقمة على راعيه والناس تجفاه
مال الصديق وينقلون المعاداه
وعزي لمن لا خاف كيد الاعادي
يا مرحبا باللي من الشام جانا
بعد المغيبه في عجل ما توانا
غايب وهو ما غايب شُوفَه ورانامثل العقاب اللي على الصيد بادي
تيهان تبراه الاسود الكواسر
نشَّابة ارياق العدا في الحناجر
مدَّاحهم في غاية المدح قاصر
بيض الوجيه اهل السيوف الحدادي
سبحان من دبر فلوك الزماني
رب العباد ومدبِّر المودماني
المُلْك مُلكه ما معه فيه ثاني
يعطيه من يرضاه دون العبادي
لوكان بعض الناس فيها يورُّون
عنهم تميل ومشيها بالعنادي
غابت نجوم الليل في جب غابت
والمملكة بعد المرض ساع طابت
امست شباب وتنثني يعد شابت
وتلبس من الغالي ثيابٍ جدادي

إلى أن قال :

لا زال عز اشرافنا في زيادة
لو لم يكن لله فيهم ارادة
ما كان ولاَّهم صحيفة عباده
ام القرى اللي صيدها ما يصادي
فضة نقية ما خلطها نفالة
او كسر اكسير الذهب بانتقادي
المُلْك ما يصلح لمن كان لاهي
الا لمن يترك جميع الملاهي
زاده وشربه الطرب والمشاهي
على ظهور الصافنات الجيادي
وراعيه ما يهجع من الليل ساعة
الا وسيفه هيكله في ذراعة
والحرب تهبط كل يوم بساعة
سوق الصباح المعترض والجهادي

إلى أن قال :

منصاك عبد الله حما كل سربه
ابن محمد يرحم الله تُرْبه
بحرٍ قراح احلا من النيل شُربه
وان فاض غرَّق حضرها والبوادي
تلقاه في قصرٍ عجيبة مبانيه
بناه ا بن عون محسن وخذفيه
حبسه وجا بعده صقورٍ تحاليه
والله يهديهم سبيل الرشادي
قبِّل يمينه ثم قدِّم كتابي
تقديم حشمة بالادب والحسابي
واحذر تِغَير عند ردَّ الجوابي
ولا تسيَّح مثل ساح المدادي
قل له ترى ما حيره لا يلاقيك
من يوم جيت الله ياخذ بياديك
الا يجاهد وانت ما هو بخافيك
فضل المجاهد في سبيل الجهادي
واختم نشيدي بالصلاة الزكية
وألفين بعد ألفين مني تحية
على النبي المختار خير البرية
شفيعنا والحشر والنتادي
والآل والاصحاب كل الجميعي
ما حج بيت الله من مستطيعي
وما لاح برقٍ في حزون الربيعي
وما غرد الجمري مع الليل شادي

نسأل الله يرحم الشاعر المبدع الفحل بديوي الوقداني وأن يسكنه فسيح جناته، وأنني في هذه النبذة المختصرة ـ التي لا توفيه حقه بين الشعراء ـ اهيب بأبناء قبيلته الكرام ان يسجلوا تراث شاعرهم المجيد الرائع المبدع في كتاب أو رسالة ليظهروا درر هذا الأديب الفذ.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

جمع وإعداد
الشريف هاني بن محمد بن عبد المطلب الحارثي
مكة المكرمة
26 ـ 1 ـ 1432هـ
h.m.a.g.sh@gmail.com


مصدر الترجمة والقصائد
1ـ تحقيق نسب قبيلة عتيبة ص ( 91 )
2 ـ الازهار النادية من اشعار البادية ( 1 / 11 )
3ـ موسوعة ويكيبيديا على شبكة الانترنت

بواسطة : hashim
 2  0  18690
التعليقات ( 2 )

الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    10-02-32 06:08 صباحًا الشريف هيثم بن عبدالله البركاتي :
    اذا كان للشجاعة والفروسية شعراءها فإن للحكمة والموعظة والأمثال شاعرها الأوحد ومبدعها الأول اعترفت له مجالس الشعر ودواوينه في داخل الجزيرة وخارجها بانه فارس الكلمة ومبدع الحكمة * كتب أشعاره في العامية والفصحى ووصلنا منها الكثير وسقط منها الكثير. اطلع (طه حسين) على أشعاره وهو يبحث عن الموروث الأدبي في العصر الحديث في منطقة الحجاز وعندما قرأ بعض قصائده قال : (لو أن هذا الشاعر البدوي الأصيل كتب أشعاره بالفصحى لنسي الناس المتنبي). وقال عنه الشاعر الكبير (حسين سرحان) بأنه شاعر الحكمة ومتنبي الشعر الشعبي. يمتاز شعره بالحكمة والصدق وعدم التعصب لفكر أو عنصر معين يخرج شعره من قلبه كما يخرج الماء العذب الصافي لا يكدره تكلف أو فخر زائف أو فجور في غزله كلماته سهلة ليس بها صعوبة أو غرابة * في أسلوبه نعومة وفي كلماته رشاقة وعذوبة وان من شعره لحكمة وسحرا. ورد في كتاب (نزهة الفكر فيما مضى من الحوادث والعبر) لأحمد الحضراوي الذي التقى ببديوي وتعرف عليه عن قرب وكتب عنه مـا نصه : اسمه : (بديوي بن جبران بن جبر بن هنيدي بن جبـر بن صـالح بن محمد بن مسفر الوقداني السعدي نسبة إلى بني سعـد العتيبي) وعتيبـة بطن من هوازن القبيلة المشهورة * نزيل الطائف المأنوس * ولد بوادي النمـل وهو محـل على فرسخ من الطائف سنة 1244هـ (1829م) وتربى به ثم سكن الطائف لتحصيل العلم والمعاش * وكانت له قريحة بالعربية ثم نظـم القريـض ولقّب بـشـاعر الحجاز * فهــو شاعـر لطيف ومغـوار غطريف. تخضع لشعره بلابل الأغصان وتنصت لغزله مسامع كل إنسان * اجتمعت بحضـرته بالطائف المأنوس سنة 1287هـ وقبل هذه السنة لنا معه اجتماع كثير ومحاضرات لطيفة. ومن الأبيات الجميلة بالفصحى التي أوردها الحضراوي في كتابه :
    شكرا لك الشريف هاني بن محمد بن عبد المطلب الحارثي
  • #2
    08-07-32 12:25 صباحًا الشريف أبو عبدالمعين :
    بيض الله وجهك ياولد العم ورحم الله هذا الشاعر الفذ رحمة واسعة إلى يوم يلقاه
    وكنت أتمنى تكمل هذه القصيدة الجميلة
-->