• ×

من رسالة ابن تيمية ( آل البيت رضي الله عنهم )

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
من رسالة ابن تيمية ( آل البيت رضي الله عنهم )

وحدة المسلمين بالكتاب والسنة - رسالة نادرة لشيخ الاسلام ابن تيمية -رحمه الله - قام بنشرها الشيخ ابو تراب الظاهرى - رحمه الله - وكذلك الأستاذ عبد القادر عطا - رحمه الله - وقد جمعنا تخريجهم للاحاديث الواردة فى الرسالة مع الاختصار وأضفنا حكم الشيخ العلامة الألباني - رحمه الله - عليها. (1)

ولقد نشرها أيضاً الشيخ العلامة بكر أبو زيد فى كتابه جامع الرسائل المنثورة 3/69-115.
فإن الله سبحانه وتعالى بعث محمداً بالكتاب والحكمة ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد، وقال الله تعالى: ((لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين)). وقال تعالى: ((واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به)). وقال لأزواج نبيه صلى الله عليه وسلم: ((واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة)).
والذي كان يتلوه هو رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيوت أزواجه: كتاب الله والحكمة. فكتاب الله هو القرآن، والحكمة هي ما كان يذكره من كلامه، وهي سنته صلى الله عليه وسلم. فعلى المسلمين أن يتعلموا هذا وهذا.
وفي الحديث المشهور الذي رواه الترمذي وغيره عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ستكون فتنة. قلت: فما المخرج يا رسول الله؟ قال: كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسن، ولا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم).([1])
وقال الله تعالى في كتابه: ((واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا))، وقال في كتابه: ((إن الذين تفرقوا وكانوا شيعا لست منهم في شيء)). فذم الذين تفرقوا فصاروا أحزاباً وشيعاً، وحمد الذين اتفقوا وصاروا معتصمين بحبل الله الذي هو كتابه شيعة واحدة للأنبياء كما قال تعالى: ((وإن من شيعته لإبراهيم))، وإبراهيم أبو الأنبياء، كما قال: ((وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين)). وقال تعالى: ((إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفا ولم يكن من المشركين))، إلى أن قال: ((ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركيين)).
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أمته أن يقولوا إذا أصبحوا: (أصبحنا على فطرة الإسلام، وكلمة الإخلاص ودين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وملة أبينا إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين)([2]). وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، فلا ألفين رجلاً شبعان على أريكته يقول: بيننا وبينكم هذا القرآن، فما وجدنا فيه من حلال حللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه)([3]).

فهذا الحديث موافق لكتاب الله، فإن الله ذكر في كتابه أنه صلى الله عليه وسلم يتلو الكتاب والحكمة، وهي التي أوتيها مع الكتاب، وقد أمر في كتابه بالاعتصام بحبله جميعاً، ونهى عن التفرق والاختلاف، و(أمر) أن نكون شيعة واحدة، لا شيعاً متفرقين، وقال الله تعالى في كتابه: ((وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين * إنما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون)) فجعل المؤمنين إخوة، وأمر بالإصلاح بينهم بالعدل مع وجود الاقتتال والبغي.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر)([4])، وقال: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً)([5])، وشبك بين أصابعه.
فهذه أصول الإسلام التي هي الكتاب والحكمة، والاعتصام بحبل الله جميعاً (واجب) على أهل الإيمان للاستمساك بها.




--------------------------------------------------------------------------------

([1]) اخرجه الترمذى و الدارمى و احمد، وضعفه الالبانى فى ضعيف سنن الترمذى حديث رقم 554

([2]) أخرجه أحمد والطبراني والنسائي عن عبد الرحمن بن ابزى، وصححه الالبانى فى الجامع 4550

([3]) رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة وابن حيان والحاكم عن أبي رافع، وأخرجه أحمد وأبو داود عن المقدام بن معد يكرب أيضاً، صحيح المشكاة 162

([4]) رواه الشيخان و الإمام أحمد.

([5]) أخرجه البخاري ومسلم، عن أبي موسى.


بواسطة : hashim
 0  0  1356
التعليقات ( 0 )

-->