• ×

إلغاء تعدد الصلوات والأئمة في الحرمين الشريفين

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط

إلغاء تعدد الصلوات والأئمة في الحرمين الشريفين


جاء العصر السعودي الزاهر على مكة المكرمة وما جاورها من بلاد الحجاز وجزيرة العرب بقيادة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود يرحمه الله ومشاعر الوحدة تملأ قلبه وروحه، ثم خطا خطوة هامة للوحدة الدينية بتوحيد صلاة الجماعة في المسجد الحرام بإمام واحد، حيث جرت العادة أن يقام لصلاة الجماعة الأولى يؤم الناس فيها إمام الشافعية ثم صلاة الجماعة الثانية لنفس الغرض؛ يؤم الناس إمام الحنفية ثم المالكي ثم الحنبلي .
وفي شهر ربيع الثاني 1345هـ اجتمع فريق من العلماء الحجازيين والنجديين وقرروا أن تكون صلاة الجماعة التي تقام في المسجد الحرام جماعة واحدة، وانتخبا من كل مذهب ثلاثة أئمة، من الحنابلة وإمامان يتناوبان في أوقات الصلوات الخمس فكان من الحنابلة الشيخ عبدالظاهر أبو السمح والشيخ حمد الخطيب، ومن الشافعية الشيخ عبد الرحمن الزواوي والشيخ محمد علي خوقير، والشيخ عمر فعي ومن الحنفية الشيخ عباس عبد الجبار والشيخ عبد الله بن ميرداد ومن المالكية الشيخ أمين فوده والشيخ عبد الله حمدوه والشيخ عباس مالكي .
وقد وافق جلالة الملك عبد العزيز على هذا الترتيب وجرى العمل بموجبه وأصبحت الجماعة واحدة في المسجد الحرام .

* (( تاريخ عمارة المسجد الحرام )) لباسلامة ) نقله ثروت الكتبي .

أما في المدينة النبوية، فقال الشيخ عطيّة سالم ( ت 1420 هـ ) في كتابه (( التراويح؛ أكثر من ألف عام في مسجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ)) (ص 88): وقد زال هذا التعدّد بوجود العهد السعودي، وأمّا وجوده فكان طارئاً على المدينة، لم يحدث إلاّ بعد القرن السابع، وكانت المدينة طيلة سبعة قرون تصلّي الصلوات كلّها بإمامٍ واحدٍ ولا تتعدّد فيها الجماعة لفريضة واحدة، بل إن مالكاً رحمه الله - وهو إمام دار الهجرة - ممن يكره تعدّد الجماعة في المسجد الواحد للفريضة الواحدة ..... (ثم) تعدّدت الأئمة في الصلوات الخمس، ثم جاء العهد السعودي فتوحّدت فيه الجماعة في المسجد النبوي وفي المسجد الحرام للصلوات الخمس وللتراويح، وعادت فيه حالة الإمامة إلى أصلها موحّدة منتظمة. اهـ.
وقال (ص 90): والجدير بالذكر أن من أعظم نعم الله على الأمّة أن تتوحّد في الصلوات كلّها في جماعة واحدة وعلى إمامٍ واحدٍ، أيًّا كان مذهبه من المذاهب الأربعة التي لم تخرج عن كتاب الله وسنّة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. اهـ.

أما كيف كان أئمة المذاهب الأربعة يصلّون في مقاماتهم في المسجد الحرام ؟ فقال أحمد بن محمد الأسدي المكي ( ت 1060 هـ ) : كانوا يصلّون مرتّبين في غير المغرب : الشافعي فالحنفي فالمالكي فالحنبلي، لكن تقدُّم الحنفي على المالكي إنما كان بعد التسعين – بتقديم التاء – وسبع مئة، قال الفاسي : ولم أعرف متى كان ابتداء صلاتهم على هذه الكيفية . ثم نقل ما يدل على أن غير الحنبلي كان سنة سبع وتسعين وأربع مئة، وكان إمام الزيدية، ثم قال : ووجدتُ ما يدلّ على أن الحنبلي كان في عشر الأربعين وخمس مئة . انتهى .
وأما وقتنا فالأربعة يصلّون الصبح فقط مرتبين : الشافعي فالمالكي فالحنبلي فالحنفي، وغير الصبح لا يصلّيه إلا الشافعي فالحنفي فقط، نعم في أيام الموسم يصلّيه المالكي أيضاً .
وأما المغرب فكانوا قديماً يصلّونها في وقت واحد جميعاً، فيحصل بذلك التباس على المصلّين، فرُفِع ذلك لولي الأمر حينئذ؛ وهو الناصر فرج بن برقوق، فأمر في موسم سنة إحدى عشرة وثمان مئة بأن الشافعي وحده يصلّي المغرب، واستمر كذلك إلى أن تولّى الملك المؤيد شيخ صاحب مصر، فرد الأمر كما كان . فابتدأ في ذلك ليلة سادس ذي الحجة سنة عشرة وثمان مئة، واستمر ذلك مدة، ثم اقتصر على الشافعي والحنفي، فصارا يصلّيان معاً، حتى أمر السلطان سليمان خان في حدود سنة إحدى وثلاثين وتسع مئة بإزالة المعية والنظر في ذلك، فاجتمع القضاة وغيرهم بالحطيم، واقتضى رأيهم تقديم الحنفي، واستمر ذلك إلى وقتنا .

" إخبار الكرام بأخبار المسجد الحرام " ( ص 196 – 198 / ط . دار الصحوة )

* كناشة البيروتي ( 209 )

بواسطة : مازن بن عبد الرحمن البحصلي البيروتي
 0  0  1021
التعليقات ( 0 )

-->