• ×

جدة- معنى الاسم وسبب التسمية وصحتها

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
جدة- معنى الاسم وسبب التسمية وصحتها
الدكتور عدنان بن عبد البديع اليافي
الخميس 10 يونيو 2010 - 27 جماد الآخر 1431


تقول بعض الروايات الإخبارية أن مدينة جَده سميت جده نسبة لِجَدْهَ البشر حواء رحمها الله التي ذٌكر أن هذه المدينة ربما كانت مسرحا لحياتها أو أنها حاضنة لرُفَاتِها ، ولكن البعض اعترض على هذا التفسير قائلين أن العرب تسمي حواء أم البشر, لا جَدَه البشر ، وقالوا ان جُده, بضم الجيم سميت كذلك لموقعها بجانب البحر. والجُده ما يلي البحر أو النهر .

واختلف المؤرخون واللغويون حول صحة طريقة نطق اسم هذه المدينة العريقة هل ينطق بضم الجيم أم كسرها ام غير ذلك . ووصلت درجه الاختلاف الى أن قال البعض بحتمية ضم جيمها بينما تحفظ اخرون على هذه الحتمية , ولو انهم لم ينفوا امكانيتها .

واليوم ينطق اهل جده اسم مدينتهم بكسر الجيم فيسمونها (جِده) . بينما ينطقها الاشقاء المصريين (جَده) بفتح الجيم , وتذهب فئة من الناس إلى وجوب نطقها بضم الجيم فيقولون (جُده) .

ويتسأل الكثير عن معنى اسم جده , وعن كيفية النطق الصحيح لهذا الاسم . وهل جيم جده منصوبة , مكسورة , أم مضمومة. والواقع أنه لا توجد اجابه صحيحة واحدة لهذه الأسئلة بل هناك عدة إجابات يمكن ان تكون مُقَْنِعَةًَ . ولقد تمت مناقشة هذا الموضوع من قبل الكثيرين على مر السنين . ولعل اشهر من ناقش هذا الموضوع حديثاً , هما العلامتان ، الشيخ عبدالقدوس الأنصاري رحمه الله- الذي قال بحتمية ضم جيم جده ، والشيخ حمد الجاسر - رحمه الله- الذي تحفظ على هذه الحتمية وان لم ينفي امكانيتها ، وكان ذلك في سجال شهير معروف عُرِفَ في الاوساط الثقافية السعودية بمعركة ضم جيم جده .

عن هذه المعركة الأدبية يقول الكاتب القدير والفيلسوف السعودي المعروف , الاستاذ عبدالرحمن بن فيصل المعمر (متعه الله بالصحة والعافية) في مقدمته الضافية لكتاب (جده في شذرات الغزاوي) والذي أصدره مؤخراً كاتب هذه السطور : ان " معركة ضم جيم جُده اللغوية من الظواهر الثقافية التي لا يزال رواد صوالين الادب واندية الثقافة يتذكرونها , ويروونها ولا يوارونها" .

ومؤخراً طرح أحد الأخوة من قراء (مصدر) الأفاضل ، سؤالا عن علاقة اسم مدينة جده بإسم حفيد قضاعة (جُده بن جرم بن ربان) . وهل سُميت جده باسمه ، ام سُمِيَ هو باسم المدينة التي وُلد فيها . كما تساءل القاريء الكريم نفسه عن قِدم اسم هذه المدينة العريقة وهل لها اسماء اخرى . ولا شك ان هذه اسئلة جيدة تُطرح بين حين وآخر .

ومن المعروف أن كثير من المدن والبلاد تتغير اسماؤها مع مرور الزمن. فعاصمة الأردن عمان على سبيل المثال كان اسمها فيلدلفيا . والبحرين كانت تسمى أوال , كما كان اسمها دلمون . وسيرلانكا كان يُطلق عليها سيلان . وتايلند كانت تعرف بسيام . ومؤخرا تغير اسم بروما الى منمار ، وهكذا . اما جده فلم يتغير اسمها منذ البدايات .

ولجده القاب أو اسماء اخرى ولكنها اسماء والقاب اضافيه تذكر اضافة لاسمها الاصلي (جده) لا بديلاً عنه .

عن بعض هذه الالقاب يقول الكاتب المعروف الصديق محمد صادق دياب في الصفحة 10 من كتابه (جده- التاريخ والحياه الاجتماعية) :ان من القاب جده ، "خزانة الحرم" , وقد ورد هذا اللقب في قول العجلي أحد شعراء جده من اهل القرن الثاني الهجري في زمن العصر العباسي الذي قال :

فانا الفتى العجلي جده موطني

وخزانة الحرم التي لا تُجهلُ

ويبين الدياب ان من اشرف القاب جده لقب "بوابة الحرمين" منذ ان غدت الميناء الرئيسي الذي يعبر من خلاله الحجاج الى المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة .

الا ان الدياب يرى ان "احدث القاب هذه المدينة واكثرها شهره هو لقب " عروس البحر الاحمر".

ومن ألقاب جده ايضاً "القوراء" أي الفسيحة الواسعة ، وعن ذلك يقول عبدالقدوس الأنصاري: في الصفحة 45 من كتابه موسوعة تاريخ مدينة جده: أن ابو محمد الحسن بن يعقوب بن يوسف الهمداني ذكر أن مدينة جده في كتابه (صفة جزيرة العرب) عدة مرات. مضبوطة بضم الجيم وقال : " ان البحر مضى الى جده ساحل مكة". واسهب في وصف قحط كان اصاب جزيرة العرب بما فيها الحجاز ونجد في عهد الجاهلية . وقد استقى الى مكة حينئذٍ شاعران احدهما نجدي والآخر حجازي. مع من استقوا اليها من الشعراء . وكان اسم الشاعر النجدي : "الخزازه العامري " واسم الحجازي" العجلاني" وقال هذا في قصيدته المسهبة عن جده :

فالقفيان من حذارق فالفرش

فها تلك جُدهُ القوراء

مؤخرا اصبح يقال "جده غير" وهي العبارة التي وردت في قصيدة للشاعر طلال حمزة عن جده . وقد غدت هذه الجملة تُُذكر كثيراً عندما تُذكر جده . واصبحت تكاد تكون صفة ملازمة لإسم هذه المدينة .

ولجده لقب آخر وهو (خزانة مكة) وذلك في كتاب (اخبار مكة في قديم الدهر وحديثه) لصاحبه مؤرخ مكة المكرمة الفاكهي الذي يقول في صفحة298 من الجزء الثاني من النسخة التي حققها معالي الدكتور عبدالملك بن دهيش أن جده : تسمى (خزانة مكة) .

ومن المعروف أن بعض المدن سميت باسماء أشخاص معينين كان لهم علاقة بهذه المدن . فالمدينة المنورة على سبيل المثال _ سميت (يثرب), وهو اسم اكتسبته من (يثرب) احد أحفاد النبي نوح عليه السلام. واسمه (يثرب بن قاينه بن مهلائيل بن ارم بن عبيل بن عوض بن إرم بن سام بن نوح), سكنها هو وقومه فسميت يثرب بإسمه .

وكذلك فإن مدينة الاسكندرية سميت على اسم الاسكندر المقدوني على ما كان شائعا في الحضارات القديمة من تسمية للمدن باسم مؤسسيها, فسميت الاسكندرية نسبة لمؤسسها الاسكندر المقدوني .

بينما سمي جُده بن جرم بن ربان نسبة لمدينة جده التي وُلِدَ فيها ولم تنسب المدينة اليه كما قد يعتقد البعض .

ويبدوا أن لجده خصوصية فيما يتعلق باسمها . فاسمها هو هو منذ الاف السنين لم يتغير وهذه احدى خصوصيات هذا الاسم .

وكما ذكرنا فإن جده أعطت اسمها لحفيد قضاعة (جُده) ولدته أمه في جده فسُمى بها ، واسمه (جُده بن بن جرم بن ربان بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة ) وكان ذلك على خلاف المدن الأخرى التي قد اخذت اسمها من شخص ولد فيها أو سكنها او مر بها او غير ذلك . وتلك هي خصوصية أخرى لاسم جده التي تعطى اسمها لابنائها ولا تأخذه منهم.

ومن خصوصيات اسم مدينة جده ايضا امكانية نطق هذا الاسم بطرق مختلفة بالرغم من كتابته بنفس الاحرف , فيقال جِده , ويقال جَده , كما يقال ايضا جُده .

وسنستعرض هنا بعض ما جاء في المصادر التاريخية المختلفة عن معنى اسم مدينة جده , والطريقة الصحيحة لنطق هذا الاسم , وأسباب تسمية هذه المدينة بهذا الاسم .

اسم جده في المصادر التاريخية:

يقول الرحالة المقدسي صاحب كتاب (احسن التقاسيم في معرفة الأقاليم) في الصفحة 97 من النسخة التي حققها شاكر لعبي , والمقدسي هذا رحالة , كان قد زار جدة في القرن الرابع الهجري . وكان الدكتور عبدالعزيز بن راشد السنيدي قد كتب ترجمة لهذا الرحالة العربي في كتابه القيم (مكة في النصف الثاني من القرن الرابع الهجري) وقال عنه: هو شمس الدين ابوعبدالله محمد بن ابي بكر البناء المقدسي المعروف بالبشاري والمولود في مدينة بيت المقدس سنة (335هـ/946م) وأختُلِفَ على سنة وفاته فقيل أنها سنة (375هـ/985م) وقيل عام (380هـ/990م) وقيل بل توفي سنة (390هـ/999م) أو بعدها بقليل . وقد حج المقدسي سنة (356هـ/966م) بعد أن بلغ سن العشرين , كما حج مره أخرى سنة (367هـ/977م) وجاور في مكة المكرمة . يقول المقدسي عن جده ما ننقله هنا بتصرف:

جدة: مدينة على البحر , منه اشتق اسمها , محصنة عامرة أهله , أهلها اهل تجارات ويسار , خزانة مكة ومطرح اليمن ومصر .

وجاء في الصفحه 371 من كتاب (معجم ما استعجم من اسماء البلاد والمواضع) من اصدارات مكتبة الخانجي بالقاهرة ومن تأليف عبدالله بن عبدالعزيز البكري الاندلسي المتوفي سنة (487هـ) والذي حققه الدكتور مصطفى السقا ، الاستاذ بكلية الاداب بجامعة فؤاد الاول أن جُده: بضم أولها : ساحل مكة , معروفة سميت بذلك لأنها حاضرة البحر , والجُده من البحر والنهر , ماولي البّر , واصل الجُده : الطريق الممتدة. وكان الاندلسي قد قال في الصفحة 17من هذا الكتاب أنه رجع إلى حديث الكلبي عن ابن عباس . قال: قال ابن عباس : فاقتسم ولد معد بن عدنان هذه الأرض على سبعة أقسام : فصار لعمرو بن معد بن عدنان , وهو قضاعة , لمساكنهم ومراعي انعامهم : جُدَّهُ من شاطئ البحر وما دونها إلى منتهى ذات عرق إلى حيز الحرم , من السهل والجبل . وبها موضع لكلب يُدعى الجدير جدير كلب , وهو معروف هنالك . وبجده ولد حفيد قضاعة (جُده بن جرم بن ربان بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة) , وبها سمي .

يقول الأنصاري في الصفحة 31 من كتابه (موسوعة تاريخ مدينة جده) :" واذا تذكرنا بأن قضاعة هو الابن الثاني لمعد بن عدنان ، والأول هو نزار ، وتذكرنا أن معداً هو الجد التاسع عشر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، عندها سندرك قدم اتخاذ جده نزلاً لقضاعة وابنائه .

وأقول : وهذا ايضاً يجعلنا ندرك قدم تسمية جده بإسمها هذا .

وجاء في الصفحة 277 من كتاب ( الامكنة والمياه والجبال والآثار ونحوها المذكوره في الاخبار والاشعار ) من تأليف ابى الفتح نصر بن عبدالرحمن الاسكندري المتوفي سنة (561هـ) والذي حققه الشيخ حمد الجاسر -رحمه الله- أن جُده : بضم الجيم : البلد قرب مكة بينهما مسافة يوم وليلة على ساحل البحر .

يقول الشيخ الجاسر في هامشه على كتاب الاسكندري هذا : "وفي معجم البلدان تفصيل عن معنى الجُده اللغوي , واقوال عن البلده يحسن الرجوع إليها , وإلى ما عَلّقتُ به على كتاب الحازمي , ولي حول ضبط الجيم نقاش مع أحد الأدباء (لعله يقصد الشيخ عبدالقدوس الأنصاري رحمه الله- ) مِلتُ فيه إلى عدم التقيد بالضم .

وكان الامام الحافظ محمد بن موسى الحازمي المتوفي سنة (584هـ) في كتابه ( الاماكن ما اتفق لفظه وافترق مسماه من الامكنه ) والذي حققه الشيخ حمد الجاسر ايضا قد قال في الصفحه 197 منه: أن جُده بضم الجيم وتشديد الدال المهملة : على ساحل البحر , بينها وبين مكة مسافة يوم وليلة . ينسب إليها عبدالملك بن ابراهيم الجدى ونفر سواه .

وجاء في صفحة 65 من كتاب (تاريخ المستبصر) الذي كتبه الرحالة ابن المجاور الذي زار جده في القرن السابع الهجري ورسم اقدم خريطة معروفة لها : ان اسم جُده بضم الجيم .

ويقول ياقوت المتوفي سنة(626هـ) في الصفحه 39 في المجلد الثاني من كتابه معجم البلدان الذي اصدرته دار احياء التراث العربي لبنان في الطبعة التي حققها محمد عبدالرحمن المرعشلي , أن جده : بالضم والتشديد . والجده في الاصل الطريقة .

ويقول: أن جُدَّه : بلد على ساحل بحر اليمن وهي فرضه مكة بينها وبين مكة ثلاث ليال على قول الزمخشري . وقال الحازمي بينهما يوم وليلة . وهي في الاقليم الثاني , طولها من جهة المغرب اربع وستون درجة وثلاثون دقيقة. وعرضها احدى وعشرون درجة وخمس واربعون دقيقة . قال ابو المنذر: وبجدة ولد "جُدَّه بن حزم بن ريان بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة" (هكذا ورد الاسم في هذا المصدر بخلاف المصادر الأخرى) فسمي (جُده) بإسم الموضع . قال: لما تفرقت الامم عند تبلبل الالسن صار لعمرو بن معد بن عدنان وهو قضاعه لمساكنهم ومراعي اغنامهم جُدَّه من شاطئ البحر وما دونها إلى منتهى ذات عرق إلى حيز البحر من السهل إلى الجبل فنزلوا وانتشروا فيها وكثروا بها .

قال ابوزيد البلخي : وبين جده وعدن نحو شهر, وبينها وبين ساحل الجحفة خمس مراحل . وينسب إلى جده جماعه , منهم عبدالملك بن ابراهيم الجدى . وعلى بن محمد بن على بن الازهر ابو الحسن العليمي المقرى القطان يعرف بالجدى سمع ابا محمد بن ابي نصر وابا الحسن احمد بن محمد العتيقي وابابكر محمد بن عبدالرحمن القطان روى عنه عبدالله بن السمر قندي ومولده سنة (390هـ) ومات سنة (468هـ) .

كما يقول ابن منظور المتوفي سنة 711هـ/1311م في الصفحة 90 من كتابه (لسان العرب) في الطبعة التي اصدرتها دار صادر: وجِدَّهُ النهر وجُدَّتُه: ما قرب منه من الأرض , وقيل: جِدَّته وجُدّته وجُدُّة وجَدُّة ضفته وشاطئه . يقول ابن منظور : أن الاصمعي قال : كنا عند جُده النهر , وقال ابوعمرو: كنا عند أمير فقال جبله بن مخرمة: كنا عند جُدِّ النهر , فقلت : جُدَّهُ النهر, فما زلت اعرفهما فيه . والجُدُّ والجُدَّه : ساحل البحر بمكة .

ويسترط ابن منظور قائلا: وجُدَّهُ: اسم موضع قريب من مكة مشتق منه . ويقول : وفي حديث ابن سيرين : كان يختار الصلاة على الجُدَّ أن قدر عليه , الجُدُّ بالضم : شاطئ النهر والجُدَّه أيضا وبه سميت المدينة التي عند مكة جُدَّهَ . و جُدَّهُ كل شيء : طريقته .

وفي صفحة 157 (الروض المعطار في خبر الاقطار) لصاحبه محمد بن عبدالمنعم الحميري المتوفي سنة 900هـ والذي حققه الدكتور حسان عباس, جاء أن جُدة: بلد على ساحل مكة شرفها الله تعالى بينهما اربعون ميلاً , وأهلها مياسير وذوا أموال واسعة ولهم موسم قبل وقت الحج مشهور البركة . وذكر الحميري أن بجدة رباط لأبي هريرة رضي الله عنه معروف . وقال الحميري أن جدة مبنية بالاجر والحصى وخشب الساج الهندي والابنوس الجيد الوافي العود من عشرين شبرا إلى ازيد . وقال : أن في أعلى منازلها قباب محكمة , ويذكر أهلها أن من بلغ كسبه مائة ألف دينار بني على داره قبة يُعلم بذلك أن كسبه قد بلغ العدد المذكور . وقال الحميري أن : أهلها أغنى الناس وأكثرهم مالاً , وبها دور كثيرة لها ثلاث قباب وأربع .

اما مؤرخ جدة وخطيبها الشيخ عبدالقادر بن احمد بن محمد بن فرج رحمه الله والمعروف لدى أهل جدة بأسم (ابن فرج) والمتوفي سنة (1010هـ) صاحب كتاب (السلاح والعده في تاريخ بندر جده) والذي حققه د.علي محمد عمر , فإنه يقول في صفحة 27 من هذا الكتاب: "الحمد لله الذي جعل ثغر جده أفضل الثغور , وشرفه بإضافته إلى البيت الكريم , الذي من دخله كان آمنا ... " . ثم يقول ابن فرج عن سبب تسمية جده بإسمها : "نقل المحدث العلامة جار الله ابن فهد عن ابن الاثير في النهاية : الجُد بالضم شاطئ البحر , والجُده ايضا , وبه سميت المدينة التي عند مكة جُده .

وكان ابن فرج قد نقل عن السيد الفاسي قوله في مسودة له: ان سبب تسمية جَده بهذا الاسم كونها منزل ام البشر حواء , وكونها دُفِنت بها , فهي جده جميع العالم .

وفي الصفحة 21 من مرآة الحرمين من اصدارات دار المريخ يقول ابراهيم رفعت باشا أمير الحج المصري في سنة (1320هـ/1903م) وسنة (1321هـ/1904م) وسنة (1325هـ/1908م) , جُده بضم الجيم وتشديد الدال المفتوحة بلده كبيرة وميناء مكة المكرمة على الشاطئ الشرقي للبحر الأحمر .

أما مؤرخ جدة الشيخ احمد بن محمد ابن احمد الحضراوي والمتوفي ( سنة 1327هـ) فإنه ذكر في كتابه ( الجواهر المعدة في فضائل جدة ) من تحقيق د. علي عمر من إصدارات مكتبة الثقافة الدينية أن العلامة القيلوبي قال: وأول جزيرة العرب عرضا من جده إلى ساحل البحر , إلى أطراف الشام , وطولا من اقصى عدن إلى ريف العراق . وقال: (جُده) بضم الجيم واصلها اسم لما قرب من النهر أو الطريق الممهد .

أما محمد لبيب البتنوني الذي قدم إلى جدة سنة (1327هـ/ 1909م) وكتب عن رحلته فإنه يقول: أن أهل جده " يسمونها الآن (عند قدومه إليها) (جِده) بكسر الجيم ويسميها المصريون (جَده) بفتحها.

ويستطرد البتنوني قائلاً: وكلها على ما أرى تسمية صحيحة لأن الجِده بالكسر اليمن والسعادة وهذا الثغر بلا شك منه المادة التي تقوم بحياة هذه البلاد كلها وأي شيء اسعد مما يقوم بحياة الانسان ووجوده . كما أن الجَده بالفتح الطريق الواسعة وليس من طريق في تلك البلاد أوسع من هذه ".

وفي حديثه عن من ضبط اسم جده بضم الجيم من المتأخرين , يقول الشيخ عبدالقدوس الانصاري في كتاب موسوعة تاريخ جده في الصفحة 39: أن محمد فريد وجدي في " دائره معارف القرن العشرين" قال بضم جيم جده . ويقول الانصاري : وكذلك صنعت دائره المعارف الاسلامية : (الترجمة العربية) . ويقول الانصاري ايضا : أما دائره المعارف البريطانية فإنها ضبطت الاسم بكسر الجيم . والجِده بكسر الجيم لغة , هي مثل الجُده بضمها- الطريقه ... . يقول الانصاري : وعلى هذا فإستعمال الصيغة بكسر الجيم في اسم ( جده) يبدو أنه صحيح لغه لولا أن اللغويين تتابعوا على ضبط هذا الاسم لهذا البلد بأنه بضم الجيم فقط .

ويستطرد الانصاري قائلا: وقد يكون منشأ ما عمدت اليه دائرة المعارف البريطانية هو الأخذ من افواه الحجازيين المعاصرين الذين ينطقون هذا الاسم بكسر الجيم تخففا من ضمها لثقله على ألسنتهم , وهذا دأب الكثيرين من العلماء الغربيين في تلقفهم اسماء البلدان وغيرها من العامة .

هذه مدينة جده , فرضه مكة المكرمة , وميناء المملكة العربية السعودية الرئيس , كانت دوما وما زالت تسمى جده . واعطت اسمها لحفيد قضاعة (جُده بن جرم بن ربان بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة) وهو احد ابنائها الذين ولدوا فيها منذ حوالي الفي عام فسُمي بها.

ينطق اهلها اسمها اليوم جِده بكسر الجيم ، بينما ينطقه جيرانهم من اهل مصر الشقيقه بالجيم المفتوحة . ويختلف المؤرخون في ذكر صحة نطق اسم هذه المدينة ويميل أكثرهم الى نطق اسمها بضم جيمها . ومن أشهر من نادى بذلك مؤرخ (جُده) العلامة الشيخ عبدالقدوس الأنصاري رحمه الله الذي الف بحثاً بعنوان (التحقيقات المعدة بحتمية ضم جيم جُده) 00 هذه الحتمية التي تحفظ عليها علامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر رحمه الله .

ويبقى اسم (جده)، فرضة مكة المكرمة والميناء السعودي الرئيس ، هذه المدينة السعودية العريقة مجال بحث . وتبقى هي مرحبة بكل من يأتيها من داخل وطننا الغالي المملكة العربية السعودية أو من خارجه ، سواء بغرض الذهاب الى مكة المكرمة للعمرة او الحج ، او للسفر الى المدينة المنورة للتشرف بالسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم والصلاة في مسجده الشريف ، أو بغرض السياحة الداخلية والمشاركة في مهرجانات جده الصيفية . أو للعلاج أو التعليم , أو العمل , او غير ذلك . تسمعهم جميعاً بعد حين يرددون مع طلال حمزة :

أيه أحب القاهرة ... بيروت كازا

بس جُدّة والله غير ! ...


المصادر والمراجع:

1- (اخبار مكة في قديم الدهر وحديثه) الفاكهي

2- (احسن التقاسيم في معرفة الاقاليم)-محمد بن احمد المقدسي .

3- (مكة في النصف الثاني من القرن الرابع الهجري)-د.عبدالعزيز راشد السنيدي .

4- (معجم مااستعجم من اسماء البلاد والمواضع)-عبدالله بن عبدالعزيز البكري الاندلسي.

5- (الامكنة والمياه والجبال والأثار ونحوها المذكورة في الأخبار والأشعار)- ابي الفتح نصر بن عبدالرحمن الأسكندري.

6- (الأماكن وما أتقف لفظه وافتراق مسماه من الأمكنة)-الحافظ محمد بن موسى الحازمي.

7- (تاريخ المستبصر) ابن المجاور .

8- (معجم البلدان)-ابي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي.

9- (لسان العرب)- ابن منظور .

10- (الروض المعطار في خبر الأقطار)-محمد بن عبدالمنعم الحميري.

11- (السلاح والعده في تاريخ بندر جُده)- عبدالقادر بن احمد بن محمد بن فرج الشافعي خطيب جده .

12- (مرآه الحرمين)- ابراهيم رفعت باشا.

13- (الجواهر المعده في فضائل جده)-احمد بن محمد بن احمد الخضراوي.

14- (الرحلة الحجازية)-محمد لبيب البتنوني .

15- (موسوعة تاريخ مدينة جده)-عبدالقدوس الانصاري.

16- (جده التاريخ والحياة الاجتماعية)- محمد صادق دياب .

17- (جده في شذرات الغذاوي) عدنان عبدالبديع اليافي

المصدر: شبكة مصدر الاخبارية

بواسطة : hashim
 0  0  64618
التعليقات ( 0 )

-->