• ×

ولكنْ لاَ رأيَ لمنْ لا يُطَاع !!! ((مِنْ رَوَائِع عَلِيّ بنِ أبي طَالِب رضي الله عنه))

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
ولكنْ لاَ رأيَ لمنْ لا يُطَاع !!! ((مِنْ رَوَائِع عَلِيّ بنِ أبي طَالِب رضي الله عنه))


قَال ربيعُ بنُ المدني الأديبُ : ما أحوَجَنا لِمِثْلِ هذِه المواعِظ السّلفية في هذا الوقتِ العَصيبِ الذي نعيشُه فِي هذا الزّمان ...
قال المبَرِّدُ : تحدّثَ ابنُ عائشةَ في إسنادٍ ذكره أنّ عليا ((رضي اللهُ عنهُ)) انتهى إليه أن خيلاً لِمُعاويةَ ( رضيَ الله عنهُ) وردت الأنبارَ فقتلوا عاملاً يقالُ لهُ : حسّانُ بنُ حسّان ، فخرجَ مُغضباً يَجُرّ ثوبَه حتّى أتى النُّخيلةَ واتبعه النّاسُ فرقيَ ربوةً من الأرض ، فحمدَ الله وأثنى عليه ، وصلّى على نبيه صلّى الله عليه وسلّم ثمّ قال :
أمّا بعدُ :فإنّ الجهادَ بابٌ من أبواب الجنّة ، فمن تركه رغبةً عنه ألبَسهُ الله الذّلّ ، وسيما الخَسْف ، ودُيِّثَ بالصَّغارِ ، وقد دعوتكم إلى حرب هؤلاء القوم ليلاًَ ونهارا ، وسِرّاً وإعلانا ، وقلتُ لكم : اغزوهم من قبل أن يَغزوكم ، فوالذي نفسي بيدِه ما غُزيَ قوم قطّ في عُقر دارهم إلاّ ذُلّوا ، فتخاذلتم وتواكلتم ، وثَقُل عليكم قَولي ، واتخذتموه وراءكم ظِهريّاً ، حتى شُنّت عليكم الغارات ، هذا أخو غامدٍ قد وردت خيلُه الأنبارَ وقتلوا حسّان بنَ حسّان ، ورجالاً منهم كثيرا أو نساءً ، والذي نفسي بيدِه لقد بلغنِي أنّه كانَ يُدخلُ على المرأة المسلمة والمعاهدة فَتُنتَزَعُ أحجالهما ورُعُثهما ثمّ انصرفوا موفورين لم يُكْلَم منهم أحدٌ كَلْما ، فلو أنّ امرأً مُسلما ماتَ من دون هذا أسفاً ما كان عندي فيه ملوما ، بل كان عندي جَديراً ، يا عجباً كلّ العجب ! عجبٌ يميتُ القلب ويشغل الفهم ويُكثر الأحزانَ من تضافر هؤلاء القوم على باطِلهم ، وفشَلِكم عن حقّكم ، حتّى أصبحتم غرَضاً تُرْمَونَ ولا تَرمُون ، ويُغارُ عليكم ولا تُغيرونَ ، ويُعصى الله عزّ وجلّ فيكم وترْضَون ، إذا قلتُ لكم : اغزوهم في الشّتاء قلتم : هذا أوانُ قُرّ وصِرّ ، وإن قلتُ : اغزوهم في الصّيف قلتم : هذه حمّارة القَيْظ أنْظِرنا ينصرم الحرُّ عنّا ، فإذا كنتم من الحرّ والبرد تفرّون ، فأنتم والله من السّيف أفرّ ، يا أشباهَ الرّجال ولا رجال ! يا طَغامَ الأحلام ، ويا عقول ربّات الحِجال ، والله لقد أفسدتم عليّ رأيي بالعِصيان ، ولقد ملأتم جوفي غيظاً ، حتى قالت قُريشٌ : ابن أبي طالب رجلٌ شُجاع ، ولكن لا رأيَ له في الحرب ، لله درّهم ، ومن ذا يكون أعلم بها منّي أو أشدّ لها مراساً ! فوالله لقد نَهَضْتُ فيها وما بلغتُ العشرين ، ولقد نيّفتُ اليومَ على السّتين ، ولكن لا رأيَ لمن لا يُطاع ، يقولها ثلاثاً .
فقام إليه رجلٌ ومعه أخوه فقال : يا أميرَ المؤمنين ، أنا وأخي هذا كما قال الله تعالى : { ربِّ إنّي لاَ أملِكُ إلاّ نَفسِي وأخي } [ المائدة : 25 ] فمُرنا بأمرِك فوالله لننتهيّنّ إليه ولو حال بيننا وبينه جمرُ الغَضَى وشُوك القتاد . فدعا لهما بخير ثمّ قال لهما وأين تقعان مما أريد ثمّ نزل .
استلّ هذه الموعِظةَ من كتابِ ((الكاملِ في اللّغةِ والأدبِ ج 1 صـ 16 . 17 للإمام المُبَرَِّد المتوفى سنة 285 هـ ط مؤسّسة المعارف بيروت )) ربيعُ بنُ المدَنِي الأَديبُ غفر الله له ولوالديْه وللمسلمين والمسلمات .

المصدر: موقع الألوكة بواسطة ربيع بن المدني

بواسطة : hashim
 0  0  16740
التعليقات ( 0 )

-->