• ×

مَا الَّذِي مَيَّزَ الصَّحَابَةَ عَنَّا ؟

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
مَا الَّذِي مَيَّزَ الصَّحَابَةَ عَنَّا ؟
لأبي عبدالرحمن العراقي

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله وأصحابه أجمعين .. أما بعد : قال الله ـ تعالى ـ: { وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }( سورة التوبة / 100 ) ، وقال : { لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }( سورة التوبة / 117 ) ، وقال :{ لَقَدْ رَضـــــــــــــِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُـــــــــــؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْــــــــــــتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّـــــــــكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً }( سورة الفتح / 18 ) . فلا زالت الأمم تنظر لعظماءها نظرة إجلال وتقدير ، محاولة التأسي بهم ، وتذكر فضائلهم ، وتنشر دعوتهم ، وإن من هذه الأمم ( أمة الإسلام ) ، وأبرز عظماءها هو نبيهم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ومن بعده الخلفاء الراشدون ، ومن بعدهم سائر الصحابة ـ رضي الله عن الجميع ـ ، وجيل الصحابة جيل فريد من نوعه لم ـ ولن ـ يأتِ مثله جيل أبدا ، إلا من كان متشبها بهم ، و ـ كما قيل ـ : ( التشبه بالكرام ؛ فلاحُ ) ، وهم آباؤنا ـ على الحقيقة ـ وحُقَ لنا أن نفتخر بهم ، وكما قال الفــرزدق ـ يفتخر على جرير ـ : أولئِكَ آبَائِـــــي ؛ فَجِئْنِي بِمِثْلِهِـــمْ إِذا جَمَــــــــــعَتْنَا ـ يَا جَرِيــــرُ ـ الْمَجَامِعُ وأسميتُ مقالي ـ هذا ـ : (مَا الَّذِي مَيَّزَ الصَّحَابَةَ عَنَّا ) ؟ ، ولم أسَمِّهِ : ( مَا الفَرْقُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الصَّحَابَة ) ! ؛ لأن الفرق يكون بين شيئين متقاربين ! ، أما التمايز ؛ فيكون بين شيئين متباعدين ! ، ولا يستقيم أن نقارن أنفسنا بالصحابة ـ رضي الله عنهم ـ ؛ لبعد المسافة ـ في الفضل ـ بيننا وبينهم ، وأين ( الثرى ) من ( الثريّا ) ؟! ، ومن ذلك قول الشاعر :
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الــــــسَّيْفَ يَنْقُصُ قَدْرُهُ إِذَا قِيِلَ إِنَّ السَّيْفَ أَمْضَى مِنَ العَصَا ؟
و ( أمضى ) أي : ( أسرع في الفتك و القتل ) ، فلا يُقارَن السيف بالعصا ، ولكن قل : ( السيف ) وكفى !! .
وإن مما قد ميَّز الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ عنَّا ـ بإجمال ـ ؛ هي ـ في إستقرائي ـ ثلاثة أمور هامة ، وهي :
ـ أولاً : ( حُبُهُمْ لِنَبِّهِمْ مُحَمَّدَاً ـ عَلَيْهِ الصَّلاةِ وَالسَلامْ ـ ) .. نعم ؛ إنه الحب الذي بلغوا فيه أعلى المراتب ، وأسماها ، وأعظمها ، حُبٌّ لم يصل إليه أحدٌ غيرهم ـ البتَّة ـ ، متوسمين ـ في ذلك ـ قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ) رواه البخاري ومسلم ،ومعنى هذا أن محبة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ من لوازم الإيمان وواجباته فلا يتحقق كمال الإيمان بدونها ، وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( ثلاث من كُنَّ فيه ؛ وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار ) رواه البخاري ومسلم ، وقد سئل علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ : كيف كان حبكم لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؟ ، قال : ( كان ـ والله ـ أحب إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا ، ومن الماء البارد على الظمأ ) ! ، وإلـــــــيك ـ أخي الحبيب ـ نماذج من حب هؤلاء الأصحاب لنبيهم ـ عليه الصلاة والسلام ـ ؛ لترى مدى الفرق الشاسع بيننا وبينهم ... ◄ـ يقول خليفة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أبو بكر الصدّيق ـ رضي الله عنه ـ : كنَّا في الهجرة وأنا عَطِشٌ ؛ فجئت بمذقة لَبَنٍ ! ، فناولتها للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وقلت له : إشرب يا رسول الله ، يقول أبو بكر : فَشَرِبَ النــــبي ـ صلى الله عليه وســـــــلم ـ حتى ( إرتويت ) !! ، ولم يقل : ( حتى إرتوى رسول الله ) !! ؛ فكأن أبا بكر هو الذي إرتوى ؛ لأن النبــــــي ـ صلى الله عليه وسلم ـ شَرِِبَ !! ، فهل رأيت حُبَّاً مثل هذا ؟! .. وأين نحن من هذا الحب ؟! . ـ وإليك موقفا آخر للصدِّيق ـ رضي الله عنه ـ : ففي يوم فتح مكة أسلم ( أبو قحافة ) ـ أبو سيدنا أبو بكر ـ ، وكان إسلامه متأخرا ـ جدا ـ وكان قد عَمِيَ ، فأخذه سيدنا أبو بكر وذهب به إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؛ ليعلن إسلامه ، ويبايع النبــــــي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( يا أبا بكر ! ؛ هلا تركت الشيخ في بيته ، فذهبنا نحن إليه ) ؟ ، فقال أبو بكر : ( لأنت أحق أن يُؤتى إليك يا رسول الله ) ! .. وأسلم أبو قحافة.. ؛ فبكى سيدنا أبو بكر الصديق ، فقالوا له : هذا يوم فرحة ! ؛ فأبوك أسلم ونجا من النار ؛ فما الذي يبكيك ؟! ، تخيّل ماذا قال أبو بكر ؟ ، قال : ( لأني كنت أحب أن الذي بايع النبي ـ الآن ـ ليس أبي ولكن أبو طالب ـ عمُّ النبي ـ ! ؛ لأن ذلك كان سيسعد النبي أكثر ) .. سبحان الله !! ، فرحته لفرح النبي أكبر من فرحته لأبيه !! ، فهل رأيت حُبَّاً مثل هذا ؟! .. وأين نحن من هذا الحب ؟! . ◄ ـ وهذا الفاروق ، أمير المؤمنين عمر ـ رضي الله عنه ـ يقول: كنت أمشي مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومعنا بعض أصحابه ، وأخذ رسول الله بيدي ومشى ، يقول عمر: فوجدت نفسي أقول : ( والله يا رسول الله إني أحبك ) ! ؛ فقال له النـــــــــبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( أكثر من ولدك ـ يا عمر ـ ) ؟ ، قلت : ( نعم ) ، قال : ( أكثر من أهلك ـ يا عمر ـ ) ؟ ، قلت : ( نعم ) ، قال : ( أكثر من مالك ـ يا عمر ـ ) ؟ ، قلت : ( نعم ) ، قال : ( أكثر من نفسك ـ يا عمر ـ ) ؟! ، قلت : ( لا ) ! ، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( لا ـ يا عمر ـ ، لا يكمل إيمانك حتى أكون أحب اليك من نفسك ) ، يقول عمر : ( فخرجت ففكرت ، ثم عدت أهتف بها : والله يا رسول الله ؛ لأنت أحبَّ اليّ من نفـــسي ) ! ؛ فقال النبي ـ صلى الله عليه وســـــــلم ـ : ( الآن ـ يا عــــمر ـ الآن ) !! ، فقال عبد الله بن عمر : ( ماذا فعلت ـ يا أبي ـ لتعود بها ) ؟ ، فقال عمر : ( يا بُنَي ؛ خرجت أسأل نفسي : من أحتاج يوم القيامة أكثر ، نفسي أم رسول الله ؟ ، فوجدت حاجتي إليه أكثر من حاجتي إلى نفسي ، وتذكرت كيف كنت في الضلال وأنقذني الله به ) !! ، فهل رأيت حُبَّاً مثل هذا ؟! .. وأين نحن من هذا الحب ؟! . ◄ ـ وهذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ ينام في فراش النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم الهجرة ، فاديا ـ بجسده ـ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حينما أراد الكفار قتله ، ليستقبل علي الموت بدلا من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ !! ، فهل رأيت حُبَّاً مثل هذا ؟! .. وأين نحن من هذا الحب ؟! . والحب ـ وإن كان من أعمال القلوب ـ لا بد أن يثمر ـ بثمار طيبة ـ على الجوارح ( الأقوال والأفعال ) ، وأبرز ثماره وأزكاها وأطيبها هو : ( صِدْقُ الإتِّباع ) ! ، وهذا ما تَمَيَّزَ به صحابة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ..... ـ ثانياً : ( شِدَّةَ إِتِّبَاعِهِم لِلنَّبِيِّ مُحَمَّدَاً ـ عَلَيْهِ الصَّلاةِ وَالسَلامْ ـ ) .. نعم ؛ لم يصل أحد في الإتِّباع أقصاه مثل الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ ، متوسمين قول الله ـ تعــــالى ـ :{ ... فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُـــــــــــولِهِ النَّبِــــــــــيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُـــــــــــــــــوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتـــــــــــَدُونَ }( سورة الأعراف / 158 ) ، وقوله ـ تعالى ـ : { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُـورٌ رَّحِيمٌ }( سورة آل عمران / 31 ) ، وقوله ـ تعالى ـ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } ( سورة الأنفال / 24 )، و( الإتباع ) هو دليل المحبة الأول وشاهدها الأمثل ، وهو شرط صحة هذه المحبة ، وبدونه لا تتحقق المحبة الشرعية ولا تتصور بمعناها الصحيح ، وبه يتميز المحب الصادق من المدَّعي للمحبة زوراً ! ، قال الحسن البصري ـ وغيره من السلف ـ : ( زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية فقال : { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } ) ، ومن أبرز مظاهر الحب ( الصادق ) للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو : الاقتداء به وإستعمال سنته ، وإتباع أقواله وأفعاله ، وامتثال أوامره واجتناب نواهيه ، والتأدب بآدابه في عسره ويسره ومنشطه ومكرهه ، وإيثار ما شرعه على هوى نفسه وموافقة شهواته ! ، وإليك ـ أخي الحبيب ـ نماذج من شِدَّةِ إِتِّبَاع هؤلاء الأصحاب لنبيهم ـ عليه الصلاة والــــــسلام ـ ؛ لترى مدى الفرق الشاسع بيننا وبينهم ... ◄ ـ فهذا عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ الذي كان يوصف بأنه من أشد الصحابة تمسكاً بهدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، حتى قالت أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ : ( ما كان أحد يتبع آثار النبي - صلى الله عليه وسلم - في منازله ، كما كان إبن عمر يتبعه ) ! ، وقال نافع : لو نظرت إلى إبن عمر إذا اتَّبع أثر النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ لقــــلت : هذا مجنون ) ! ، ومن ذلك : أنه كَانَ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ يَقُولُ بِرَأْسِ رَاحِلَتِهِ يُثْنِيهَا وَيَقُولُ : ( لَعَلَّ خُفًّا يَقَعُ عَلَى خُفٍّ ) ، أي : يريد أن يقع خف راحلته على أثر خف راحلة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ !! ، ومنها : أنه كان يأتي شجرة بين مكة والمدينة فيقيل تحتـــــها ـ أي : ينام ـ ، ويخبر أنَّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يفعل ذلك ، ومنها : قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل ) ؛ قال : فكان عبد الله لا ينام ـ بَعْدُ ـ من الليل إلا قليلاً ! . بالله عليك ـ يا أخي ـ ؛ من كان هذا حاله في هذه الأمور ؛ فكيف يكون حالة مع أعظم الأمور ، في أقوال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأوامره ونواهيه ؟! . ◄ ـ وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ رَأَى خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ ؛ فَنَزَعَهُ ، وَطَرَحَهُ ، وَقَالَ : ( يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ ) ! ، فَقِيلَ لِلرَّجُلِ ـ بَعْدَمَا ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ : خُذْ خَاتَمَكَ انْتَفِعْ بِهِ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ لا آخُذُهُ أَبَدًا وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ !! . بالله عليك ـ يا أخي ـ ؛ من كان هذا حاله في هذه الأمور التي تبدو بسيطة ـ لأول وهلة ـ ؛ فكيف يكون حالة مع أعظم الأمور ، في أقوال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأوامره ونواهيه ؟! . ◄ ـ ومن ذلك ـ بل أشد من ذلك ! ـ ما ورد عن عُمَرَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ حِيْنَ جَاءَ إِلَى الْحَجَرِ الأَسْوَدِ فَقَبَّلَهُ ؛ فَقَالَ : إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لاَ تَضُرُّ وَلاَ تَنْفَعُ ، وَلَوْلاَ أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ !! . رواه البخاري ومسلم . ◄ ـ ومن ذلك مَا رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنَّهُ صَلَّى فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ ؛ فَخَلَعَ النَّاسُ نِعَالَهُمْ ! ، فَلَمَّا انْصَرَفَ ؛ قَالَ لَهُمْ : ( لِمَ خَلَعْتُمْ ) ؟! ، قَالُوا : رَأَيْنَاك خَلَعْت فَخَلَعْنَا !! ، فَقَالَ : ( إنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ بِهِمَا خَبَثًا ، فَإِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ ؛ فَلْيُقَلِّبْ نَعْلَيْهِ وَلْيَنْظُرْ فِيهِمَا ، فَإِنْ رَأَى ؛ فَلْيَمْسَحْهُ بِالْأَرْضِ ، ثُمَّ لِيُصَلِّ فِيهِمَا ). رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَغيْرُهُمَا ، فلم ينتظروا حتى نهاية الصلاة ليسألوه عن العلَّة ! ؛ لعظيم حبهم له ، وإتباعهم له ! . فإذا وصلوا بذاك الحب في المرتبة أعلاها ، وأثمر ـ ذلك ـ ( شِدَّةَ إِتِّبَاعِهِم لِلنَّبِيِّ مُحَمَّدَاً ـ عَلَيْهِ الصَّلاةِ وَالسَلامْ ـ ) ؛ فلا بد أن يستحقوا ـ إذن ـ الميزة الثالثة التي تميزوا بها عَنَّا ، وتفردوا بها عَنَّا ، وهي : ـ ثالثاً : ( البَشْرَى ـ لَهُمْ ـ بِالجَنَّةِ ) .. نعم ؛ إنها الجنة ، إنها سلعة الله الغالية ، إنها ثمن الحب الصادق للنبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، إنها ثمرة الإنقياد والطاعة المطلقة للنبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال الله ـ تعالى ـ: { وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }( سورة التوبة / 100 ) ، وقال : { الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ{20} يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ {21} خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً إِنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ {22} }( سورة التوبة / 21 ، 22 ) ، وهذا تبشير لهم بعمومهم ، وهناك تبشير بالخصوص لبعضهم دون البعض الآخر ؛ إشعارا بمزيد فضلهم ، كالخلفاء الراشدين ـ وغيرهم ـ ، ورحم الله القائل :
فَتَشَبَّهُوا إِنْ لَمْ تَكُونُوا مِثْلَهُمْ إِنَّ التَشَــــــــــبَّهَ بِالكِــــــرَامِ فَلَاحُ
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد ، وعلى آله وأصحابه أجمعين .


بواسطة : hashim
 2  0  1720
التعليقات ( 2 )

الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    03-09-33 03:17 مساءً ناصر الشنبري :
    بارك الله فيكم ورعاكم ونشكركم على هذا المقال وفيه توضيح ما يميز الصحابة رضي الله عنهم وفضلهم ( والسابقون السابقون ) وتقبلوا وافر الدعاء
  • #2
    06-09-33 01:21 صباحًا ابو فهد الشريف :
    إدارة الموقع وفقكم الله وجزاكم الله ألف خير
-->