• ×

ترجمة العلامة المحدث الشريف محمد بن ناصر الحازمي الحسني (ت1283هـ)

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
ترجمة العلامة المحدّث
محمد بن ناصر الحازمي الحَسَني الضمدي
المتوفى سنة(1283هـ)
بقلم: محمد زياد بن عمر التكلة


هو الإمام العلامة المحدّث السَّلَفي، من أعيان علماء القرن الثالث عشر، ومن كبار مشايخ الحديث والمسندين في وقته، من أشراف تهامة.
لم أقف على تاريخ مولده، ولكن أفاد تلميذ أصحابه الشيخ أبو الخير العطار أنه بعد 1221 ظنًّا.

نص ترجمته في نشر الثناء الحسن لإسماعيل بن محمد الوشلي:
قال: «الشريف العلامة الإمام المحدّث شيخ مشايخنا محمد بن ناصر الحازمي، نشأ -نفع الله به (؟)- ببلده ضَمَد، وكان متفنناً مُتقناً محققاً في جميع العلوم، جائلاً في ميدان المنطوق منها والمفهوم، تُضرب إليه أكباد الإبل من البلاد القريبة والشاسعة في بيانها إذ كان مجليًّا، صلّى خلفه أئمة العلم في حلبة ميدانها، لا سيما في علم الحديث، فقد كان له فيه اليد الطولى، أخبرني سيدي وشيخي العلامة الإمام السيد عبد الرحمن بن عبد الله القديمي أنه لما وفد إليهم صاحب الترجمة بمدينة الزيدية، وذلك في عام ثلاثة وسبعين بعد المائتين والألف: قرأ عليه في جماعة في أول صحيح البخاري، فتكلم على متن الحديث معنى وإعرابا وغيرهما، وعلى رجال السند مولدا ومنشأ ونسبا وبلداً وتعديلا وجرحا، وما لكل راو في الصحيح وغيره من رواية، ثم إنهم أعادوا القراءة عليه في آخر الصحيح فتكلم على المتن والسند من غير فرق، فعُلم بذلك أنه لا يُجارى في هذا الميدان، ثم إنه كتب لهم إجازة عامة شاملة في كل ما تصح روايته وتحق درايته، وخصَّ سيدنا شيخ الإسلام محمد بن عبد الله الزواك بالسند المسلسل بالمحمدين، وقد أُخذت هذه الإجازات مع السند المذكور فيما أُخذ يوم قضية عسير لما نهب محمد بن عايض الزيدية، فالله المستعان. انتهى.
وقد ترجمه القاضي العلامة حسن بن أحمد عاكش الضمدي في تاريخه، ولم أقف على التاريخ ولا على حقيقة سائر أحوال المترجم له، وبالجملة فقد كان عديم النظير في وقته، نفع الله به (؟) آمين، وكانت وفاته سنة 1283». انتهت الترجمة.

شيوخه:
أخذ رحمه الله عن علماء تهامة واليمن، وقال: «عليهم تربيت وعنهم تلقيت»، ثم ارتحل للاستزادة من العلم والرواية إلى الحرمين.
فأخذ عن الوجيه عبد الرحمن الأهدل، والإمام محمد بن علي الشوكاني، وتلميذه العلامة محمد بن علي العمراني، وأحمد بن زيد الكبسي، وعلي بن إسماعيل اليماني، وعبد الحميد بن أحمد بن محمد قاطن، ومحمد المساوي، والزين جمل الليل، وإبراهيم بن محمد بن عبد الخالق بن علي المزجاجي، ومحدّث وقته الشاه محمد إسحاق الدهلوي -لقيه واستجازه في الحج، وسمع منه الأولية- ومحمد عابد السندي -ومما سمع منه الأوائل السنبلية-، والوجيه عبد الرحمن الكزبري الصغير، ومحمد بن علي السنوسي، وأبي الفوز أحمد المرزوقي المالكي، ويوسف بن مصطفى الصاوي، ومحمد بن محمد بن أحمد العًطوشي المغربي نزيل طيبة، وغيرهم.

عقيدته ومذهبه وعبادته:
كان رحمه الله محدّثاً سلفيًّا أثرياً، أفاده تضلعه واطلاعه في الحديث أيما إفادة، ورسالته في الصفات عظيمة، على نمط كتاب العلو للذهبي، ونصر فيها دعوة محمد بن عبد الوهاب صراحة، وردَّ فيها على الأشاعرة ومن سواهم من في الصفات.
كما نقل عنه صديق حسن خان في كتابه قطف الثمر (105) كلاماً حسنا في الأولياء جرى فيه على طريقة السلف، في وقت ساد الغلو فيهم.
أما في الفقه فنُسب أثريًّا، أي أنه يعمل بالدليل، دون تقليد مذهب معين.
كما ذُكر بالزهد والعبادة وتلاوة القرآن والطاعات، وأنه كان يجاور في مكة ابتداء من رجب إلى الحج كل عام.

ومن ثناء أهل العلم عليه:
قال تلميذه حسين بن محسن الأنصاري في إجازته لصديق حسن خان (المذكورة في الحطة 267): شيخنا الشريف المحدث العلامة محمد بن ناصر الحسيني الحازمي.
وقال العلامة صديق حسن خان في أبجد العلوم (3/194): الشيخ الإمام العلامة محمد بن ناصر الحازمي، الآخذ عن شيخ الإسلام محمد بن علي الشوكاني.
ووصفه في موضع آخر (3/272) بالشيخ الماهر.
وقال العلامة محمد شمس الحق العظيم آبادي في غاية المقصود (1/68): العلامة المحقق، وبالخير من الله الموفَّق: محمد بن ناصر الحازمي.
ووصفه العظيم آبادي في ثبته الوجازة في الإجازة (39) بالشيخ العلامة، وبأنه من الأجلاء.
وقال العلامة يوسف الخانفوري في ثبته الجوائز والصلات (7): إن شيخه حسين بن محسن أخذ عن مشايخه الأئمة الأعلام السادة الكرام، من أجلهم الشيخ الشريف الحافظ محمد بن ناصر الحسني الحازمي.
وقال داود بن عبد الرحمن بن حجر القديمي في إجازته لمحمد بن أبي بكر باذيب (121 ضمن المحاسن المجتمعة): العلامة الإمام الشريف محمد بن ناصر الحازمي.
وقال عبد الله غازي في فتح القوي (138) العلامة الشريف محمد بن ناصر.
وقال عبد الحي الكتاني في فهرس الفهارس (1/366): المحدث المسند محمد بن ناصر الحازمي. وحلّاه في موضع آخر (2/665) بالأثري المشهور.
وتقدم كلام الوشلي آنفاً.
ووصفه الشيخ صفي الرحمن المباركفوري: الشيخ الإمام. وذلك في تقديمه لكتابه الصفات (ص5).

آثـــــــــــــــاره:
1- له رسالة في الصفات، دلَّت على إمامته واتباعه الصريح لطريقة السلف أصحاب الحديث، وقد طُبعت في الهند قديماً، ثم أعاد نشرها الشيخ عبد الحميد بن حبيب الله النشاطي، ط1، 1415 دار الطحاوي بالرياض.
وذكر رسالته العلامة صديق حسن خان في قطف الثمر (53 و58 و105) وغيره.
2- فتح المنان في ترجيح الراجح وتزييف الزائف من صلح الاخوان للشيخ داود البغدادي.
هذا عنوانها في هجية العارفين (6/378)، وهي التي ينقل منها العلامة صديق حسن خان ثناءه على الإمام محمد بن عبد الوهاب، كما في الحطة (151).
وللفائدة فقد قال صديق حسن خان في أبجد العلوم (3/300): وللشيخ المحدث العلامة محمد بن ناصر الحازمي رسالة في المشاجرة مع أهل مكة المشرفة؛ في المسائل التي اختلف فيها الوهابية وغيرهم، أنصف في هذه الرسالة غاية الإنصاف، وأتى بما يقضي منه العجب العجاب، وله رحمه الله تعالى رسالة أخرى في إثبات الصفات، قال في مطاويها: قد بينّا فيما تقدم عقيدة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، وأن عقيدته وعقيدة أتباعه هي عقيدة السلف الماضيين من الصحابة والتابعين وسائر أئمة الدين. انتهى.
وذكر الزركلي أن هذه الرسالة والتي قبلها موجودة في خزانة الرباط (30ك).
3- المسلسلات: ذكرها تلميذه حسين بن محسن الأنصاري في إجازته لصديق حسن خان (المذكورة في كتاب الحطة 267 و269 وعنه الكتاني في فهرس الفهارس 2/665)، كما ذكرها سعد بن عتيق في إجازته للعنقري (ص82 بتحقيقي)، وكذا في إجازته لمحمد بن عبد اللطيف آل الشيخ (ص41)، ونص أنها من تأليف الحازمي.
4- الفواكه العذاب. ذكره إسماعيل باشا البغدادي في هدية العارفين (2/378) وفي إيضاح المكنون (2/174 و203)، وعنه كحالة في معجم المؤلفين (3/747).
5-وله إجازات متعددة نظما ونثراً، تقدم ذكر بعضها في كلام الوشلي، وساق بعضها أبوالخير العطار في النفح المسكي.
ومنها إجازته للقديمي مذكورة في الدر الفريد (ص54)، وإجازته لحسين الحبشي مذكورة في فتح القوي (145).

تلامذته والآخذون عنه:
أخذ عنه حسين بن محسن الأنصاري -وهو أجل وأشهر الآخذين عنه- وأخوه زين العابدين بن محسن، ومفتي مكة حسين بن محمد الحبشي، و محمد بن عبد الله الزواك، ومحمد بن سالم السري، وداود بن عبد الرحمن القديمي، ورحمة الله الكيرانوي الهندي، ومصطفى بن محمد العفيفي المكي، وسالم بن عيدروس البار، وإسماعيل بن محمد الكابلي، وأيوب بن قمر الدين الفلتي، وصالح بن عبد الله العَوَدي السناري، ومحمد صالح الزواوي، ويوسف بن عبد القيوم البدهانوي (في الأولية فقط)، وعلي بن محمد البهكلي، وغيرهم.

مقروءات العلامة حسين بن محسن عليه:
وذكر أبو الخير العطار أن شيخه حسين بن محسن الأنصاري كان يتردد إلى مكة كل سنة، فلقي بها شيخه الشريف الحازمي، وكان يحج كل سنة أيضاً، وكان يقدم مكة من ابتداء رجب إلى آخر ذي الحجة، فلازمه المترجم كل سنة، وأخذ منه الأولية بشرطه، وقرأ عليه الصحاح الست، والشمائل، ومسند الدارمي، ومسلسلات ابن عقيلة، وبعض الجامع الصغير، وشيئا من أول الجلالين، والأوائل السنبلية، وأجازه إجازة عامة.
وذكر قبله الشيخ صديق حسن خان في ترجمته النفيسة لشيخه حسين المذكور في أبجد العلوم (3/212): إنه أخذ عن الامام العلامة الشريف محمد بن ناصر الحازمي بمكة المشرفة في سنوات عديدة وقرأ عليه الأمهات الست قراءة بحث وتحقيق، ومسند الدارمي، وأوائل الشيخ محمد سعيد سنبل المدني، وشمائل الإمام الترمذي، وأجازه بجميع مروياته ومسموعاته إجازة عامة، كما هي موجودة بخطه الشريف.
وكذا نص العظيم آبادي في غاية المقصود (1/68) أن شيخه حسين بن محسن قرأ على الحازمي الستة والدارمي والشمائل والسنبلية، بالتحقيق والتدقيق، مع الإجازة العامة.

اتصالي به:
أما بالسماع فإني بحمد الله قرأت صحيحي البخاري ومسلم كاملين على شيخي العلامة المفسّر المجاهد عبد القيوم الرحماني في شمال الهند، بقراءته لهما كاملين على شيخ الحديث أحمد الله الدهلوي في دِهلي، بقراءته لهما كاملين على العلامة المحدّث القاضي حسين بن محسن الأنصاري في بهوبال، بقراءته لهما كاملين على العلامة الحازمي في مكة المكرمة.
فبيني وبينه ثلاث وسائط، وهذا أعلى ما يقع إليه بالسماع، مع جلالة رجاله في السنّة والعلم.
وأما بالإجازة فقد أنبأني أعلى بدرجة العلامة المفتي محمد بن أحمد الشاطري رحمه الله وغيره، عن الشيخ المسند سالم السري التريمي، عن العلامة الحازمي.
وهذا أعلى ما يقع إليه بالإجازة.

وفــــــــاته:
توفي رحمه الله سنة 1283، ولم يبق من ذريته اليوم إلا حفيدة مسنّة، كما أفادني بعض الأصحاب.
وقال أحمد بن محمد الشعفي في لآلئ الدرر في تراجم رجال القرن الثالث عشر (223): وقد انقرضت أسرة المذكور ولم يبق من رجالها أحد. ونقل في الهامش عن كشف النقاب عن نبذة حجاب أحمد بن عبد الله الحازمي (ص113).

من مصادر ترجمته:
هدية العارفين (2/378)، ونشر الثناء الحسن (2/121)، ونيل الوطر (2/322)، والأعلام (7/122)، ومعجم المؤلفين (3/747)، ولآلئ الدرر في تراجم رجال القرن الثالث عشر (223)، ومقدمة تحقيق كتابه الصفات، وفيه العزو لإتحاف النبلاء لصديق حسن خان بالفارسية (ص419).
إضافة إلى بعض الأثبات: وأهمها فتح القوي (138)، وله ذكر في مواضع متفرقة في النفح المسكي (خ-باختصار الشيخ أحمد عاشور)، وفهرس الفهارس، والمعجم الوجيز، والدر الفريد، وغيرها، أفادت في معرفة بعض شيوخه والآخذين عنه.
وأفادني الشيخ سعد السعدان أن الشيخ محمد الديباجي -وفقهما الله- حقق أحد كتب العلامة الحازمي وأعدها للطبع، وتوسع في ترجمته، ولم أقف على عمله لأستفيد منه، يسّر الله له نشره.

وفي الختام:
فإني أعتذر إن حصل قصور وعدم استيعاب كما في النفس، لقلة المصادر مع ضعف البضاعة، ولا سيما أني على جناح سفر، ولكن لرغبة ملحة وعاجلة من أخي الكريم الشيخ بدر بن علي بن طامي العتيبي -وفقه الله- عجَّلتُ بما اجتمع لديّ، آملاً من الإخوة الإفادة والتصحيح، وجزاهم الله خيراً.
كتبه محمد زياد بن عمر التكلة
حامداً مصليًّا مسلّماً
الرياض ليلة الجمعة 11/3/1428



بواسطة : hashim
 1  0  8264
التعليقات ( 1 )

الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    07-12-35 05:21 مساءً الشريف الحازمي :
    شجرة طيبة اصلها ثابت وفرعهافي السماء
-->