• ×

معالم ضرورية لطالب علم النسب

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
معالم ضرورية لطالب علم النسب


لكل علم قواعده التي تضبطه، ومصطلحاته الخاصة به، إلا أن علم النسب مع كثرة الكتابة فيه مؤخرا لم يكن له حظ كافٍ في التأليف في قواعده ومصطلحاته ليكون سببا في كبح جماح المتعجلين، ممن ينقل من هنا وهناك فيدفعه للمطبعة ولا ينظر إلا نتائج ما كتب. ولا تعجب إذا رأيت أن كثيرا من أولائك الكتبة ليس لهم إلا ذلك التأليف في نسب قبيلة أو تاريخ بلدة. والتأليف له آدابه، وأعرافه التي من أهمها احترام عقلية القارئ وعدم ذكر أي دعوى بلا برهان من رواية صادقة أو نقل معتبر. ولذا فمن المحتم ذكر بعض المحاذير التي قد يقع فيها المشتغل بعلم الأنساب والتنبيهات التي لابد له من مراعاتها فمن ذلك :
1. أن المشتغل في النسب قد يدَّعي نسبا بلا حجة أو ينفي نسب أحد بلا برهان ، والدافع إلى ذلك إما أن يكون الهوى أو العجلة وعدم التثبت ، والعجلة في مثل مباحث الأنساب مزلة أقدام ، وقد روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال صلى الله عليه وسلم : ( كفر بامرئ ادعاء نسب لا يعرف أو جحده وإن دق ) . وفي رواية أحمد:"كفر تبرؤ من نسب وإن دق أو ادعاء إلى نسب لا يعرف" ، وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه في خطبة له على الملأ:"كفر بالله ادعاء إلى نسب لا يعرف، وكفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق" .
2. الإيغال في الأنساب القديمة وقد روى خليفة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لا أنتسب إلا إلى معدّ وما بعده لا أدري ما هو. وروى عن عكرمة قال: أضلت نزار نسبها من عدنان وأضلت اليمن نسبها من قحطان . وقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا انتهى في النسب إلى معد بن عدنان أمسك ثم قال: كذب النسابون ، قال تعالى وقرونا بين ذلك كثيرا) . وورد عن ابن عباس رضي الله عنه قال : ولو شاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعلمه لعلمه ، وقال :بين معد بن عدنان وبين إسماعيل ثلاثون أبا . وورد عنه أنه لما وصل إلى عدنان قال : كذب النسابون . وورد عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قرأ ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله...) ،فقال : كذب النسابون . وذكر ابن كثير في ترجمة الإمام أحمد نسبه إلى إبراهيم عليه السلام ثم ذكر عن صالح بن الإمام أحمد أنه قال : رأى أبي هذا النسب في كتاب لي ، فقال : وما تصنع بهذا ؟ ولم ينكر النسب . فقد يكون أنكر ثبوت النسب بعد عدنان وقد يكون إنكاره لاشتغال ابنه بالنسب عما هو أهم منه .
وقد كان العرب يعيبون من يجهل نسبه إلى عدنان، ويدلك على هذا قول لبيد
فإن لم نجد من دون عدنان والدا ودون معد فلترعك العواذل
3. أنه قد يؤدي إلى الإعجاب بالنسب أو بشرف الآباء ،ولو تفكر العبد لوجد أن الناس كلهم ولد آدم الذي خلقه الله تعالى بيده وأسكنه جنته وأسجد له ملائكته وما أقل نفعه قيهم وفيهم كل عيب وكل فاسق، والعامة تقول في أمثال هذا المعجب بآبائه : كالخصي يُزهـى بذكر أبيه ، وأبو لهب من هو في قربه وشرف نسبه ولم ينفعه ذلك ، وأبو إبراهيم وابن نوح لم ينفعهم شرف نسبهم وقربهم من أنبياء الله . والإعجاب بالنسب لا يدفع جوعا ولا يستر عورة ولا ينفع في الآخرة ، فهو بحق ضعف عقل وقلة دين ، وقد قال شيخ الإسلام : فإن كان الرجل من الطائفة الفاضلة فلا يكون حظه استشعار فضل نفسه والنظر إلى ذلك فإنه مخطئ في هذا لأن فضل الجنس لا يستلزم فضل الشخص ، فرب حبشي أفضل عند الله من جمهور قريش . وقد روى ابن عمر رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم:" فتنة الأحلاس هرب وحرب ثم فتنة السراء دخنها من تحت قدم رجل من أهل بيتي يزعم أنه مني وليس مني وإنما أوليائي المتقون..." ، فشرف النسب لا يدل على شرف الشخص.
4. أن معرفة المرء لعلو نسبه قد يؤدي به إلى ترك اكتساب الآداب والفضائل اتكالا على حسبه وما أحسن قول ابن الرومي :
وما الحسب الموروث لا درَّ درُّه بمحتسب إلا بآخر مكتسب
فلا تتكل إلا على ما فعلته ولا تحسبن المجد يورث بالنسب
فليس يسود المرء إلا بنفسه وإن عد آباء كراما ذوي حسب
إذا العود لم يثمر وإن كان شعبة من المثمرات اعتدَّه الناس في الحطب
وللمجد قوم ساوروه بأنفس كرام ولم يعبوا بأم ولا أب
والعاقل من يكون عصاميا لا من يكون عظاميا كما قال المتنبي :
لا بقومي شرفت بل شرفوا بي وبجِدِّي سموت لا بجدودي
وما أصدق قول الشاعر :
حسبي فخاراً وشيمتي أدبي ولست من هاشم ولا العرب
إن الفتى من يقول ها أنا ذا ليس الفتى من يقول كان أبي
وقول الآخر :
كن ابن من شئت واكتسب أدبا يغنيك موروثه عن النسب
إن الفتى من يقول ها أنا ذا ليس الفتى من يقول كان أبي
وقد كان والد أبي الفتح عثمان بن جني النحوي اللغوي المشهور عبدا روميا ، وقد عُيِّـر بذلك فقال :
فإن أصبح بلا نسب فعلمي في الورى نسبي
على أني أؤول إلى قُـرُومٍ سادة نجب
قياصرة إذا نطقوا أرَم َّ الدهر ذو الخطب
أولائك دعا النبي لهم كفى شرفا دعاء نبي
ومما ينسب إلى علي رضي الله عنه :
لكل شيء زينة في الورى وزينة المرء تمام الأدبْ
قد يشرف المرء بآدابه فينا وإن كان وضيع النسبْ

ويؤكد الشافعي هذا المعنى فيقول:
لا يعجبنك أثواب على رجل دع عنك أثوابه وانظر إلى الأدب
فالعود لو لم تفح منه روائحه لم يفرق الناس بين العود والحطب
وليس يسود المرء إلا بنفسه وإن عد آباء كراما ذوي حسب
إذا العود لم يثمر ولو كان شعبة من المثمرات اعتدَّه الناس من الحطب

والنسب مع الجهل لا يجدي شيئا كما قال الشاعر :
العلم ينهض بالخسيس إلى العلا والجهل يقعد بالفتى المنسوب

وما أحسن أن يجمع المرء بين شرف النسب وشرف العلم والأدب ويكون كعبدالله بن معاوية حين قال:
لسنا وإن أحسابنا كرمت يوما على الأحساب نتكل
نبني كما كانت أوائلنا تبني ونفعل مثل ما فعلوا
ولما قرئت هذه الأبيات على الملك عبدالعزيز رحمه الله قال : فوق ما فعلوا فوق ما فعلوا .

وقال الأصمعي : أنشدنا أبوعمرو بن العلاء لعامر بن الطفيل قال : وهو من جيد شعره-
إني وإن كنت ابن سيد عامر وفارسها المشهور في كل موكب
فما سودتني عامر من وراثة أبى الله أن أسمو بأم ولا أب
ولكنني أحمي حماها وأتقي أذاها وأرمي من رماها بمنكب

وما أجمل ما قاله الرصافي في قصيدة نحن والماضي حيث يقول :
وما يجدي افتخارك بالأوالي إذا لم تفتخر فخرا جديدا
فما بلغ المقاصد غير ساعٍ يردد في غدٍ نظرا سديدا
وأسس في بنائك كل مجدٍ طريف واترك المجد التليدا
فشر العاملين ذوو خمول إذا فاخرتهم ذكروا الجدودا
وخير الناس ذو حسب قديم أقام لنفسه حسبا جديدا
إذا الجهل خيم في بلاد رأيت أسودها مسخت قرودا

5. أن علم النسب قد يستخدم للسب وانتقاص الآخرين ، ولذا نجد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: إياكم وتعلم الأنساب، والطعن فيها . وقد روى ابن عبدالبر بإسناده إلى يحيى بن طلحة قال : جئت سعيد بن المسيب فسلمت عليه فرد عليَّ ، فقلت : علمني النسب ، فقال : أنت تريد أن تسابَّ الناس ، ثم قال لي : من أنت ؟ فقلت : أنا يحي بن طلحة , فضمني إليه وقال : ائت محمدًا ابني فإن عنده ما عندي ، إنما هي شعوب وقبائل وبطون وعمائر وأفخاذ وفصائل . فإذا كان المرء يعلم من نفسه نزوعا إلى انتقاص الآخرين فليصلحه وليبتعد عن كل ما يزيد هذا الخلق الدنيء من القراءة في أخبار القبائل وأنسابها . وقد أحسن علماء الإسلام في طي مثالب القبائل ومن وجدوه ألف في المثالب فإن كتابه يطوى ولا يروى لعظيم ضرره .

6. أن علم النسب قد يشغل عما هو أنفع منه ، وهذا كثير مشاهد ، فكم رأينا ممن يشار إليهم بالبنان من طلبة العلم اتجهوا إلى علم الأنساب وتركوا ما هو أنفع للأمة منه ، ولذا نجد الإمام أحمد يصرف طلابه إلى العلم الأكثر نفعا ، فقد سأله رجل يقال له عامر فقال : يا أبا عبدالله بلغني أنك رجل من العرب فمن أي العرب أنت؟ قال لي : يا أبا النعمان نحن قوم مساكين ، وما تصنع بهذا ؟ فكان ربما جاءني أريده على أن يخبرني فيعيد عليَّ مثل ذلك الكلام ولا يخبرني بشيء .


7. أن المشتغل بالأنساب قد يمدح ظالما أو معروفا بمخالفة الشرع من أقاربه وقد يفخر بالانتساب إليه ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (انتسب رجلان على عهد موسى فقال أحدهما : أنا ابن فلان بن فلان حتى عدَّ تسعة فمن أنت لا أم لك ؟ قال : أنا فلان بن فلان ابن الإسلام ، فأوحى الله إلى موسى أن قل لهذين المنتسبين : أما أنت أيها المنتسب إلى تسعة في النار فأنت عاشرهم في النار ، وأما أنت أيها المنتسب إلى اثنين في الجنة فأنت ثالثهما في الجنة ) .

8. من كمال العقل حسن اختيار ما نسب إلى السابقين الأخيار ونقل ما جاء فيها من أخبار، قال ابن الجوزي رحمه الله:" وإنما أنقل عن القوم محاسن ما نقل ولا أنقل كل ما نقل إذ لكل شيء صناعته وصناعة العقل حسن الاختيار" ، فما كان فيها مما يحسن تركه فليترك.


9. لا بد من معرفة رأي العلماء في المصنفات التي يرجع إليها الباحث، فعلى سبيل المثال نقل السخاوي عن النووي رحمه الله أنه أثنى على الاستيعاب لابن عبدالبر رحمه الله لولا ما شانه من ذكر كثير مما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم وحكايته عن الإخباريين والغالب عليهم الإكثار والتخليط " .

10. كما لا بد من ترك التعجل في الاستنباطات كربط الأماكن بالقبائل التي كانت قد حلت بها، لأن من الملعوم أن طبيعة العيش في البلاد العربية تحتم على القبائل التنقل لأسباب كثيرة منها وقوع حروب فيما بينهم، أو وقوع قتل ممن ينتسب للقبيلة وتعجز القبيلة عن دفع دياتهم، ويصعب عليها أن تدفع القاتل لذوي القتيل. وقد يقع على القبيلة ظلم من الولاة والملوك فيرتحلوا طلبا للسلامة، كما أن قلة المطر وشدة القحط من أقوى الدوافع للارتحال كما في قدوم بني حنيفة لليمامة . وقد تنتقل القبيلة عن موطنها بسبب كوارث طبيعية مثل سيل العرم الذي فرق قبائل قحطانية كثيرة فالأوس والخزرج نزلوا المدينة، وطيء نزلت جبلي أجا وسلمى. وقد تضيق المنطقة بأهلها فتنتقل القبيلة أو بعضها إلى مكان أرحب.


11. من أهم مبادئ علم النسب معرفة طبقات النسب عند العرب، قال ابن حجر: الشعوب النسب البعيد والقبائل دون ذلك هو قول مجاهد أخرجه الطبري عنه وذكر أبو عبيدة مثال الشعب مضر وربيعة ومثال القبيلة من دون ذلك وأنشد لعمرو بن أحمر
من شعب همدان أو سعد العشيرة أو خولان أو مذحج هاجوا له طربا .
وقال ابن الكَلْبيّ: الشَّعب أكبرُ من القَبيلة ثم العِمَارة ثم البَطْن ثم الفَخِذ ثم العَشِيرة ثم الفَصِيلة. وقال غيرُه: الشّعوبُ العَجَم والقبائل العرب، وإنما قيل للقَبيلة قبيلة لتقابُلها، وتناظرُها، وأن بعضَها يُكافئ بعضاً. وقيل للشَّعْب شَعْب لأنه انشَعب منه أكثر مما آنشعب من القَبيلة، وقيل لها عَمائر، من الاعتمار والاجتماع، وقيل لها بُطون، لأنها دون القبائل، وقيل لها أفخاذ، لأنها دون البُطون، ثم العَشيرة، وهي رَهط الرجل، ثم الفَصيلة، وهي أهلُ بيت الرجل خاصة. قال تعالى: "وفَصِيلتِهِ التي تُؤوبه". وقال تعالى: "وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَك الأقْرَبِينَ ".

12. معرفة المصطلحات الشائعة في كتب النسب ومشجرات العوائل أمر في غاية الأهمية، وقد أفرد محمد سعيد كمال رسالة في مجموعة الرسائل الكمالية في مصطلحات النسابة، وهي جيدة في بابها.

13. التثبت في ما يرد من قصص وأخبار فيما هو مخالف للشرع أمر لازم وواجب على المؤرخ والمتحدث في النسب أن يحرص عليه، وخصوصا إذا كان الحديث عمن عرف بالخير، وتطبيق المنهج الحديثي في سند الرواية؛ امتثالا لقوله سبحانه:" ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين" .

14. العصمة للأنبياء، وكلنا خطاء، وقد قال سعيد بن المسيب رحمه الله:" ليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل يعني من غير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام- إلا وفيه عيب، ولكن من الناس من لا ينبغي أن تذكر عيوبه، فمن كان فضله أكثر من نقصه وهب نقصه لفضله" . وقد صح عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا تذكروا هلكاكم إلا بخير" .

15. ينبغي لمن يتصدى لتأريخ الأعلام أن يتجنب الألفاظ الجارحة، قال المزني: سمعني الشافعي يوما وأنا أقول: فلان كذاب، فقال لي: أحسِنها، لا تقل كذاب، ولكن قل: حديثه ليس بشيء. ونحوه عن البخاري وأيوب رحم الله الجميع . وذلك حتى لا يتعود لسانه على هذه الألفاظ الجارحة.

16. لا يعرف تاريخ الدول الحق في وقتها، وقد ذكر المؤرخ الذهبي رحمه الله إعراض أهل الجرح والتعديل عن الكلام في الخلفاء وآبائهم وأهليهم خوفا منهم. قال: وما زال هذا في كل دولة قائمة ،يصف المؤرخ محاسنها ويغضي عن مساوئها" .

17. من كمال الأدب مع الأعلام المسلمين، من أهل الفضل والخير أن نترحم عليهم عند ذكرهم، وقد قال رزق الله التميمي الحنبلي رحمه الله (ت 488هـ) : يقبح بكم أن تستفيدوا منا ثم تذكرونا ولا تترحموا علينا" .

18. من المعلوم أن النوازع النفسية تؤثر على الإنسان ، ومن الأهمية بمكان أن يعلم طالب النسب أن كل متكلم في النسب سواء أكان في كتاب أم خطاب فإن القليل النادر من يتجرد من الأهواء الشخصية، ويمكن ملاحظة ذلك بأمور:
تجده إذا اختار من الأخبار فإنه يبرز ما يروق له ولمن يواليه، ويحذف أو يحرف ما لا يرضاه، وقد يورده بصورة مشوهة، فليكن طالب النسب على حذر من ذلك، بأن يعدد مصادر التلقي، ويقارن بين الكتب، ويعرف من عرف عنه التعصب أو التحريف من أهل التصنيف.

كما تحده يذكر مثالب بعض القبائل والعوائل لشيء في نفسه، ولكننا ولله الحمد نجد أن المسلمين الشرفاء، لم يحفلوا بتلك المصنفات حتى فقدت ولم يبق منها إلا أسماؤها، وبقي عا تصنيفها على مصنفيها ككتب علان الشعوبي وغيره. وما أحسن أن يدعو كل باحث بدعاء الصالحين:"وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ "(الحشر/10).

ومنها أن يبرز المواقف السيئة للأشخاص المنتسبين إلى العوائل مما يشكل حساسية وحرجا لبقية عائلته أو قومه، مع أن الله تعالى قال:" ولا تزر وازرة وزر أخرى"، إلا أن الناس يعيرون القبيلة بذنب الفرد، ولذا فإن تسمية من حصل له الموقف دون نسبته أفضل إلا إذا اشتهر وعرف وكثر ذكره.

ومنها أن يذكر هجاء الشعراء للقبائل القديمة، وكلنا يعرف كيف فعل بيت جرير في قبيلة بني نمير، ولكننا لم نتساءل عن مسؤولية كلمته أمام الله تعالى، عندما ظلم قبيلة كاملة بسبب مهاجاة بينه وبين شاعر، وقد ذهب الجميع وبقي الهجاء إلى يوم الدين، فما أعظم مسؤولية الأديب. وليعلم أن الناقل مسؤول عن نقله، لقوله تعالى:" لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا".
ومن كمال عقل العجاج أنه قيل له:إنك لا تحسن الهجاء، فقال: إن لنا أحلاما تمنعنا من أن نظلم، وأحسابا تمنعنا من أن نُظلم. وهل رأيت بانيا لا يحسن أن يهدم .
ولو طبق لحكام الدول الإسلامية السابقون حكم الله في الهجائين لما رأينا القصائد الكثيرة المخجلة في الهجاء المقذع غير المبرر، ولذا نجد أنه لما هجا الحطيئة الزبرقان بن بدر سجنه عمر رضي الله عنه، فاستعطفه بأبيات وشفع له ابن عوف وعمرو بن العاص رضي الله عنهما فأخرجه عمر وهدده بقطع لسانه إن عاد يهجو أحدا .

ومن المعلوم أن من علوم الأخبار ما هو محرم البحث فيها والنظر والكتابة وذلك في أربع مجالات ذكرها السخاوي رحمه الله وهي :
1. ذكر الخرافات المنسوبة إلى الأنبياء
2. البحث فيما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم لأن ذلك مفضٍ إلى الوقوع فيهم.
3. البحث فيما جرى من الأكابر من شرب للخمور واقتراف للمحرمات وذلك لأنها من إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا والكذب فيها كثير.
4. ذكر مساوئ السابقين ومثالبهم لحديث" اذكروا محاسن موتاكم" وحديث" لا تسبوا الأموات فتؤذوا الأحياء". والمتحدث في الأنساب يحتاج إلى أن يجعل هذا الحديث نصب عينيه دائما.

بقلم:
عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
العنوان/ ص ب 242230 الرياض 11322


____________
المصدر: موقع ملتقى أهل الحديث

بواسطة : hashim
 1  1  8727
التعليقات ( 1 )

الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    04-01-35 11:36 صباحًا خزانة التاريخ :
    شكرا أخي عبدالعزيز على الطرح حفظك الله .

    ومن الأمور الهامة أيضا, والضرورية لطالب علم النسب :


    - يجب عليه , أن يتقي الله تعالى ,ويجعل مخافتة , في نصب عينيه .
    - عليه أن يأخذ العلم من أهله , ذو الأمانات والثقة والإخلاص . ممن هم مشهودلهم , في محيط المجتمع .
    - الأمر الأهم والأعظم , هو عدم مخالطة ومجالسة وأخذ العلم , ممن هم مشهور ومعروف عنهم , بالكذب والتوطؤ والتزوير , ممن إدعو نسبا باطلا وكاذبا, سواء لأنفسهم , أو لغيرهم . - كذلك البعد كل البعد , عن ممن وصفوا أنفسهم , وأدعوا أنهم نسابون , وهم في حقيقة الأمر , والعياذ بالله ( نصّابون ) مفترون كذابون أدعياء, وما أكثرهمّ في زمنناهذا ,والعياذ بالله .
    - وعليه عدم الإستناد إلي مؤلفاتهم, والترويّج لها , والنظر والأخذ بكلامهم .
-->