• ×

قصة الخلافة العثمانية البداية والنهاية (2)

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
[size=5]
قصة الخلافة العثمانية البداية والنهاية (2 )

الخليفة محمد الرابع (1058- 1099هـ)
الشئون الداخلية:
شاعت الفوضى في أنحاء الدولة نظرًا لصغر سن الخليفة, وكما ذكرنا سابقًا كان الصدر الأعظم هو الذي يتحمل المسئولية كاملة, فاضطر الصدر الأعظم حسين باشا لرفع الحصار عن مدينة كنديا في جزيرة كريت,؛ بسبب الفوضى التي أشعلها الإنكشارية في البلاد.

ثورة قاطرجي أوغلي:
وفي عام 1059هـ قام قاطرجي أوغلي بثورة في الأناضول يدعمه كورجي يني، واستطاعا أن يهزما والي الأناضول أحمد باشا, ثم سارا إلى إستانبول ولكنهما اختلفا، فاستطاعت الجيوش العثمانية أن تهزمهما وقتل كورجي، وطلب قاطرجي أوغلي العفو، فعفا عنه وتولى القرمان.

الحروب في أوربا:
استطاع الأسطول البندقي أن ينتصر على الأسطول العثماني ويحتل جزيرتي تيدنوس وليمنوس اللتين تتحكمان في مضيق الدردنيل, ولم تستطع السفن المحملة بالغذاء الوصول إلى إستانبول، فارتفعت أسعار الغذاء.

تولي محمد كوبريللي الصدارة العظمي:
من أشهر من تولى منصب الصدارة العظمى هو وأبناؤه بل وأحفاده في تاريخ الدولة العثمانية, وذلك لما أبلوه من بلاء حسن في الجهاد في أوربا، وضبط الشئون الداخلية.

وبمجرد توليه المنصب عام 1067هـ عمل على ضبط الأمور الداخلية, فأدب الإنكشارية وأعمل فيهم القتل, وقام بقتل بطريرك الروم الذي كان له دور كبير في الفوضى السائدة بالبلاد, فاستقرت الأوضاع الداخلية ليتفرغ للجهاد في أوربا.

وكانت بادرة أعماله تحرير الجزر والمرافئ التي احتلتها البندقية من الدولة العثمانية بعد عناء شديد.

تمرد أمراء ترانسلفانيا والأفلاق والبغدان:
قامت الحرب بين السويد وبولندا, فعرضت السويد على العثمانيين أن يعاونوها في مقابل السماح للدولة العثمانية ببسط سيطرتها على بولندا، فرفض محمد كوبريللي ولكن استطاعت السويد استمالة أمراء الأفلاق والبغدان وترانسلفانيا لحرب بولندا, فأمرت الدولة بعزلهم, فقام أمير ترانسلفانيا المعزول بمنازلة العثمانيين فأسرع إليه الصدر الأعظم فهزمه, ثم توجه إلى أمير الأفلاق الذي حاول العصيان فأخضعه.

تولي أحمد كوبريللي منصب الصدر الأعظم:
وبعد وفاة الصدر الأعظم محمد كوبريللي عام 1072هـ بعدما أعاد للدولة هيبتها واستقرارها، تولى ابنه أحمد كوبريللي المنصب فسار على نهج أبيه.

فتوحات عثمانية جديدة:
رفض أحمد كوبريللي الصلح الذي عرضته كل من النمسا والبندقية, وتمكن الصدر الأعظم من التوغل في أراضي النمسا, وفتح قلعة نوهزل الشهيرة, ثم واصل فتوحاته ففتح مورافيا (المنطقة بين التشيك وسلوفاكيا الآن) وإقليم سينزيا (الواقع الآن في بولندا).

توتر العلاقة مع فرنسا:
توترت العلاقات بين العثمانيين وفرنسا نتيجة لمساعدة فرنسا للبنادقة في كريت, ثم جاءت الحروب مع النمسا لتزيد من توتر العلاقات، فقد استنجدت النمسا بالبابا بعد الهزائم المتوالية لها أمام العثمانيين، فلبى البابا النداء واستنهض فرنسا التي أمدت النمسا بـ 6000 جندي, ودارت الكثير من المعارك, ولكنها كانت سجالاً بين الطرفين, حتى حدث الصلح بين العثمانيين والنمسا، والذي ينص على تقسيم المجر بينهما, وبرغم ذلك واصلت فرنسا قرصنتها البحرية على المرافئ العثمانية في شمال إفريقيا وعلى السفن المسلمة، ثم حاولت فرنسا إعادة الامتيازات والتقرب إلى العثمانيين، فرفض الصدر الأعظم أحمد كوبريللي, وزاد رفضه حينما حاولت فرنسا إرسال أسطول حربي لمنازلة العثمانيين, ثم أشار أحد وزراء فرنسا على ملكها أن يستعمل سياسة اللين مع العثمانيين, فتمكن من استعادة الامتيازات لفرنسا، وتحسنت العلاقات بين فرنسا والعثمانيين وكان ذلك عام 1084هـ.

الحروب مع بولندا:
أعلن القوزاق تبعيتهم للعثمانيين مما أثار أحقاد بولندا التي انقضت على أراضيهم (والتي تمثل الآن أغلب أراضي أوكرانيا), فسار الخليفة بنفسه يقود الجيش الذي ألحق بالبولنديين هزيمة منكرة, فطلب البولنديون الصلح وتم ذلك في معاهدة بوزاكس عام 1083هـ, وكان من شروطه أن تضم الدولة العثمانية إقليم بودوليا في غرب أوكرانيا, ويستحوذ القوزاق على باقي أوكرانيا, وتدفع بولونيا جزية قدرها 220 ألف بندقي ذهبًا.

رفض الشعب البولندي هذه المعاهدة, وسار قائده سوبيسكي الشهير بقتال العثمانيين واستطاع أن يحقق بعض الانتصارات, ثم عقد صلحًا آخر بين بولندا والعثمانيين يكون للعثمانيين فيه مثل ما كان في المعاهدة السابقة, باستثناء بعض المدن وكان ذلك عام 1087هـ، وشارك سوبيسكي في المفاوضات بعدما أصبح ملكًا على بولندا.

وما إن توفي الصدر الأعظم أحمد كوبريللي حتى تسلم مكانه صهرة قره مصطفى عام 1087هـ فلم يكن في كفاءة سابقيه, وعمل في سبيل مصلحته الشخصية لا مصلحة الدولة, وكانت بادرة أعماله السيئة إثارة القوزاق الذين استنجدوا بروسيا فاصطدمت بالعثمانيين عام 1088هـ, ولم تتوقف الحرب إلا في عام 1092هـ، ووقعت معاهدة راد زين بينهما لتعيد الحال إلى ما كان عليه قبل الحرب, ولكن أصبح القوزاق يكرهون العثمانيين ويميلون إلى الروس.

تجدد الحروب مع النمسا:
تجددت الحروب مع النمسا عام 1092هـ، والتي بدأها قره مصطفى بداية العمالقة ثم أنهاها نهاية الأقزام, وتسبب في كارثة كبرى للدولة العثمانية.

فبدأ بالكثير من الانتصارات ووصل العثمانيون لويانه (فيينا) للمرة الثانية, وحاصروها بعد أن حاصرها العثمانيون أول مرة في عهد الخليفة سليمان القانوني, ولم ينتبه قره مصطفى لتأمين ما فتحه من بلاد النمسا, ووضع كل تركيزه لفتح ويانه ولكن أوربا ما كانت لتتركه يصل إلى هدفه, فنادى البابا أوربا لنجدة النمسا, فما إن أصبح العثمانيون قاب قوسين أو أدنى من فتح ويانه حتى انهالت الجيوش الأوربية عليهم, يتقدمهم سوبيسكي الذي أمره البابا بنقض العهد مع العثمانيين -كعادتهم دائمًا- وتساعده الإمارات الألمانية؛ ساكسونيا وبفاريا, وبرغم استبسال المسلمين في الحروب إلا أنهم اضطروا للانسحاب, فلاحقهم سوبيسكي يقتل منهم ما تصل إليه يده.

التحالف الصليبي ضد العثمانيين:
لما علم الخليفة بالهزيمة التي تعرض لها العثمانيون, أمر بقتل قره مصطفى وتولية إبراهيم باشا مكانه, في الوقت الذي ابتهجت أوربا للنصر المتحقق وقامت كل من البندقية والنمسا وبولندا وروسيا ورهبان مالطة يدعمهم جميعًا البابا بما أطلقوا عليه التحالف المقدس لإفناء العثمانيين من على وجه الأرض, فانطلقت النمسا على جبهة المجر فاحتلت مدينة بست ثم توغلت حتى ضمت الكثير من أراضي المجر واستطاعت احتلال مدينة بودا عام 1097هـ، التي فقدها العثمانيون نهائيًّا ولم يستطيعوا دخولها مرة أخرى, كما احتلت النمسا إقليم ترانسلفانيا وأجزاء من كرواتيا, في نفس الوقت كانت بولندا بقيادة سوبيسكي تغير على البغدان.

أما البنادقة ورهبان مالطة فتمكنت أساطيلهم من احتلال الكثير من مدن شبه جزيرة المورة, فعمت الفوضى أنحاء البلاد فقرر العلماء والوزير الثاني عزل الخليفة محمد الرابع، وكان ذلك عام 1099هـ، وتولى مكانه أخوه سليمان الثاني.
الخليفة سليمان الثاني (1099- 1102هـ)
الشئون الداخلية:
عمت الفوضى بعد عزل الخليفة محمد الرابع وزاد نفوذ الإنكشارية, فقتلوا الصدر الأعظم سياوس باشا، وسبوا أهل بيته كل هذا والخليفة لا يبدى أي مقاومة.

الشئون الخارجية:
توالت الهزائم على الدولة العثمانية، فاحتلت النمسا بلغراد وأجزاء من بلاد الصرب في عامي 1099هـ- 1100هـ، وواصلت البندقية تقدمها, فاحتلت أجزاء كثيرة من كرواتيا ودلماسيا وأكثر أجزاء المورة.

تولي مصطفى كوبريللي الصدارة العظمى:
وجاء مصطفى باشا سليل عائلة كوبريللي الشهيرة بالبلاء الحسن في الصدارة العظمى, جاء في الوقت المناسب ليعيد للدولة بعضًا من هيبتها التي فقدت, فبدأ بالإصلاح الداخلي فحفظ الأهالي من بطش الإنكشارية, وأحسن للنصارى في إستانبول فكسب حب الناس, حتى إن النصارى الأرثوذكس في المورة استطاعوا طرد البنادقة من أرضهم لمحاولتهم فرض المذهب الكاثوليكي عليهم، وقبلوا حماية العثمانيين عليهم لعدم تعرضهم لعقيدتهم, وسار مصطفى كوبريللي على نهج أبيه محمد كوبريللي، فاستطاع استرجاع بلغراد عام 1101هـ, واستطاع القادة العثمانيون إخماد الثورة في الصرب واستعادة إقليم ترانسلفانيا.

وتوفي الخليفة عام 1102هـ، وتولى أخوه أحمد الثاني الخلافة؛ لأن سليمان لم ينجب.

الخليفة أحمد الثاني (1102- 1106هـ)
لم تطل مدة حكمه على أربع سنوات, فقدت خلالها الدولة مصطفى كوبريللي شهيدًا في القتال مع النمسا, ولم يكن خلفه عربجي باشا في كفاءته فاحتلت البندقية جزيرة ساقز في بحر إيجة. وتوفي الخليفة أحمد الثاني عام 1106هـ، وتولى الخلافة بعده الخليفة مصطفى الثاني.

الخليفة مصطفى الثاني (1106- 1115هـ)
استمرار الحروب مع أوربا:
اتسم هذا الخليفة بالشجاعة والإقدام, فقاد الجيوش بنفسه لمنازلة البولنديين, واستطاع أن ينتصر عليهم بمساعدة فرسان القوزاق، وفي عام 1107هـ أجبر قيصر الروس بطرس الأكبر على فك الحصار عن مدينة (آزوف) التي يسعى لضمها لتكون منفذًا لروسيا على البحر الأسود, وتوجه الخليفة لملاقاة النمسا على أرض المجر, واستطاع أن ينتصر عليهم حتى فاجأ القائد النمساوي (أوجين دى سافوا) العثمانيين وهم يعبرون نهر تيس, واستطاع أن يهزمهم وغرق الكثير منهم في النهر وأخذ يلاحقهم حتى استطاع دخول بلاد البوسنة.

وفي الوقت نفسه استغل بطرس الأكبر الفرصة, واحتل مدينة آزوف (أزوق) عام 1108هـ ومع توالى الهزائم على العثمانيين تولى الصدارة العظمى حسين كوبريللي فاستطاع الانتصار على النمسا, وطردهم من البوسنة, واسترداد بعض الجزر في بحر إيجة.

معاهدة كارلوفتس 1110هـ:
اضطرت الدولة إلى إبرام معاهدة كارلوفتس بوساطة فرنسا, خاصة بعدما تحالفت عليها الكثير من دول أوربا، والتي بمقتضاها تنازلت:

1- عن مدينة آزوف لروسيا.

2- عما بقي لها من بلاد المجر للنمسا، وعقدت هدنة مع النمسا لمدة 25 عامًا.

3- عن أوكرانيا وبودوليا لبولندا.

4- عن ساحل دلماسيا وبعض جزر بحر إيجة للبندقية.

وحزن الصدر الأعظم حسين كوبريللي لهذه المعاهدة فقدم استقالته عام 1114هـ, وثارت الإنكشارية بعده على الخليفة حتى عزلوه عام 1115هـ، وتولى أخوه أحمد الثالث الخلافة.

الخليفة أحمد الثالث (1115- 1143هـ)
نجح في خداع الإنكشارية فنفذ مطالبهم ووافقهم على قتل المفتي فيض الله، حتى إذا اطمأنوا له قتل رءوس الفساد فيهم، وعزل الصدر الأعظم المعين برغبتهم, والذي كان قائدًا لثورتهم.

الحروب في أوربا
الحرب مع روسيا ومحاصرة القيصر:
طلبت السويد دعم العثمانيين في حربها ضد الروس, ولكن الصدر الأعظم نعمان كوبريللي رفض ذلك, وما أن استلم بلطجي محمد باشا منصب الصدارة العظمى, حتى أعلن الحرب على روسيا وأتيحت له الفرصة لأنْ يفني دولة روسيا من الوجود, بعدما تمكن من حصار القيصر وعشيقته كاترينا, التي أصبحت إمبراطورة فيما بعد, والتي تمكنت من إغراء الصدر الأعظم بالمجوهرات والمال, ففك الحصار واكتفى بتوقيع معاهدة تتعهد فيها روسيا بالتخلي عن ميناء آزوف, وأن لا تتدخل في شئون القوزاق؛ وبسبب خيانة الصدر الأعظم فقد تم عزله ونفيه لإحدى جزر بحر إيجة, وتولى منصبه يوسف باشا الذي أبرم مع روسيا معاهدة جديدة تقضي بهدنه مدتها 25 عامًا بين الدولتين, عرفت بـمعاهدة أدرنه, ولكن ما لبثت روسيا أن عادت لنقض العهود, فتدخلت إنجلترا وهولندا لتأثير الحروب على تجارتهما وعقدت معاهدة أدرنه عام 1125هـ والتي تنص على سيطرة العثمانيين على كافة السواحل الشمالية للبحر الأسود, وفي نفس الوقت لا تدفع روسيا جزية لخانات القرم.

تطهير كريت من البنادقة:
منذ فتحت كريت والأوضاع بها غير مستقرة,؛ نظرًا لوجود بعض المواقع ظلت البندقية تسيطر عليها في الجزيرة، حتى تمكن العثمانيون من طردهم منها تمامًا عام 1129هـ.

معاهدة بساروفتس 1130هـ:
استنجدت البندقية بالنمسا التي هددت العثمانيين بالحرب إن لم يعيدوا ما أخذوه من البندقية, فضرب العثمانيون بتهديدهم عرض الحائط, فنشبت الحرب بينهما, واستطاعت النمسا أن تنتصر على العثمانيين وتحتل بلغراد عام 1129هـ، ثم عقد الصلح عام 1130هـ بمعاهدة بساروفتس التي بمقتضاها:

1- تفقد الدولة بلغراد، ومعظم بلاد الصرب جزءًا من الأفلاق للنمسا.

2- وأن تعود بلاد مورة للعثمانيين.

3- تظل البندقية مسيطرة على سواحل دلماسيا.

الحرب مع الصفويين:
استغل العثمانيون ضعف الصفويين, بعد ما تنازل الشاه حسين لأمير أفغانستان مير محمد عن الحكم, فضموا إليهم بلاد الكرج (جورجيا) وأرمينيا, واستغلت روسيا الفرصة فاحتلت بلاد داغستان, وكاد العثمانيون أن يصطدموا بالروس لولا الوساطة الفرنسية.

وحاول الصفويون استرداد ما فقدوه, فهزموا وفقدوا تبريز وهمدان وغيرهما ثم جرى الصلح عام 1140هـ, ثم ما لبث أن تجددت الحرب بينهما بعدما تولى طهماسب حكم الصفويين, ولميل الخليفة للصلح ثار الإنكشارية وقتلوا الصدر الأعظم، ثم عزلوا الخليفة وولوا ابن أخيه مكانه.

استطاعت الدولة العثمانية أن تنزل بالصفويين الهزيمة عام 1144هـ، ثم تم الصلح بتنازل الصفويين عن همدان وتبريز وإقليم لورستان, ولكن والي خراسان نادر شاه رفض المعاهدة, واستطاع أن يسير إلى الشاه ويعزله، ثم اتجه لقتال العثمانيين وألحق بهم الهزيمة حتى عقد صلحًا بين العثمانيين والصفويين في مدينة تفليس ببلاد الكرج عام 1149هـ, تنازل فيه العثمانيون عن كل ما أخذوه من الصفويين، وأصبح نادر شاه ملكًا على فارس.

دخول الطباعة الدولة العثمانية:
ومما يذكر في عهد الخليفة أحمد الثالث إنشاء أول دار للطباعة في إستانبول، لتكون السابقة الأولى من نوعها في الدولة العثمانية.

الخليفة محمود الأول (1143- 1168هـ)
عندما تولى الحكم كان النفوذ الأعظم لقائد ثورة الإنكشارية بطرونا خليل، الذي عزل الخليفة ثم ما لبث أن اختلف معه الإنكشارية وقتلوه.

معاهدة بلغراد:
احتلت روسيا بولندا بدعم من النمسا, وعندما رغبت فرنسا في إنقاذ بولندا أرضتها النمسا بمعاهدة فيينا، لكي تتفرغ النمسا لقتال العثمانيين, وبدأت روسيا بإشعال الحرب مع العثمانيين، واحتلت ميناء آزوف, فاتحدت الدولة العثمانية مع الفرس واستطاعت وقف هجومهم، وفي نفس الوقت أخذت تلاحق الجيوش العثمانية النمسا حتى تمكنت من هزيمتها، وعقدت معاهدة بلغراد عام 1152هـ، والتي نصت على:

1- عودة بلغراد وما تحتله النمسا من أراضي الصرب والأفلاق إلى الدولة العثمانية.

2- وأن تلتزم روسيا بهدم قلاع مدينة آزوف، وألا تكون لها سفينة في البحر الأسود.

وتوفي الخليفة محمود الأول عام 1168هـ، وتولى الخلافة أخوه عثمان الثالث.

الخليفة عثمان الثالث (1168- 1171هـ)
ولد عام 1110هـ، وكان عمره حين تولى الخلافة يزيد على الثامنة والخمسين عامًا, قتل الصدر الأعظم على باشا لسوء تصرفه وعين محمد راغب باشا مكانه, فكان عونًا له, وأهلاً للإصلاح, وكان الخليفة يسير متنكرًا في الليل, ويطلع على أحوال الرعية, ويعمل على الإصلاح. وقد توفي في عام 1171هـ.

الخليفة مصطفى الثالث (1171- 1187هـ)
وهو ابن الخليفة أحمد الثالث، وتولى الخلافة عام 1171هـ.

الحرب مع الروس:
أغار القوزاق التابعون لروسيا على حدود الدولة العثمانية, فأعلنت الدولة الحرب على روسيا, وقاد خان القرم كريم كراي الجيش وانتصر على الروس، وعاد بعدد كبير من الأسرى الروس عام 1182هـ.

من الأشياء التي جدت في عهد هذا الخليفة ومن تبعه هو قتل الصدر الأعظم أو القائد إذا فشل أو انهزم في الحرب, حتى يكون عبرة لغيره, ففي الحرب مع الروس فشل الصدر الأعظم في فك حصارهم عن عدة مدن, فكان جزاؤه القتل, ثم جاء الصدر الأعظم الجديد وحاول اجتياز نهر الدينستر، وكان النهر في ذلك الوقت فائضًا فغرق الكثير من الجند, وهزم العثمانيون وكان ذلك عام 1183هـ، واستطاع الروس احتلال إقليمي الأفلاق والبغدان.

وحاول الروس احتلال طرابزون ولكنهم لم يستطيعوا, ولكنهم استطاعوا في عام 1185هـ فصل القرم عن الدولة العثمانية, وتعيين جاهين كراي باسم الإمبراطورة كاترين الأولى إمبراطورة روسيا, وتوسطت النمسا لإنهاء الحرب ولكن الروس طلبوا شروطًا مجحفة, وهم يعلمون تمامًا أن الدولة سترفضها؛ وذلك طمعًا في استمرار الحرب ومواصلة تقدمهم في أملاك الدولة, فاندلعت الحرب من جديد ولكن خاب ظن الروس فقد صدت القوات العثمانية هجوم الروس, وتمكنت من إجلائهم عن كثير من المناطق التي احتلوها.

الفتن الداخلية:
حاولت روسيا إثارة الفتن داخل الدولة العثمانية, حتى تضربها داخليًّا مع استمرار منازلتها خارجيًّا.

ثورة نصارى المورة:
أثار الروس نصارى المورة واتجه الأسطول الروسي إلى المورة لدعم الثورة, ولكنه مُنِي بالهزيمة, ولكن بعض السفن التي أفلتت تمكنت من إحراق جزء كبير من الأسطول العثماني, ثم اتجهت لاحتلال جزيرة لمنوس، فأجبرتها البحرية العثمانية على التقهقر عام 1185هـ، وأخمدت الثورة في المورة.

ثورة علي بك الكبير في مصر:
استطاع الروس أن يقنعوا علي بك الكبير والي مصر بمد نفوذه في الدولة العثمانية مستغلاًّ انشغالها بالحروب مع روسيا, واتجه الأسطول الروسي في البحر المتوسط يمد علي بك الكبير بما يحتاج من ذخيرة، فدخل بلاد الشام ولم يقو أحد على إيقافه, وخاصة أن الأسطول الروسي يتحرك معه، ولكنه فوجئ بتمرد نائبه في مصر محمد أبى الذهب فعاد إلى مصر لقتاله، ولكنه هزم فاتجه إلى ضاهر العمر وهو أحد قطاع الطرق, وكان في نفس الوقت من جباة الأموال، فوجد فيه سندًا له فواصل تقدمه في الشام. وكان الخليفة في بداية الأمر يعترف بما ضمه علي بك، وذلك لانشغاله بقتال الروس، ولكن لما استفحل أمره التقى به الجيش العثماني بالقرب من مدينة صيدا فانتصر علي بك الكبير, وخاصة أن الأسطول الروسي كان يساعده بإلقاء قذائفه على السواحل الشامية.

وبعد ذلك استعد علي بك الكبير لمهاجمة الأناضول, وفقًا لاتفاقه مع الروس, بأن يهاجم هو من الجنوب ويهاجم الروس من الشمال, فتقع الدولة العثمانية بين فكيهما, ولكنه رأى أن يقضي أولاً على محمد أبي الذهب في مصر فسار إليه والروس يدعمونه بأربعمائة جندي، والتقى بمحمد أبي الذهب في عام 1187هـ، فهزم علي بك الكبير هزيمة منكرة ومات متأثرًا بجراحه, ووقع في الأسر الجنود الروس الذين يدعمونه, وتخلصت الدولة من فتنة هذا الخائن التي كادت تقضي على الدولة وتفتح لروسيا أبوابها, وعين محمد أبو الذهب واليًا لمصر؛ نظرًا لإخلاصه وتفانيه في خدمة الدولة. وتوفي الخليفة مصطفى عام 1187هـ.

الخليفة عبد الحميد الأول (1187- 1203هـ)
كان محبوسًا في قصره حتى توفي أخوه، فخرج ليتسلم الخلافة.

اتفاقية قينارجة 1187هـ:
أغارت أساطيل روسيا على مدينة وارنا (فارنا) البلغارية، وأنزلت قواتها التي استطاعت محاصرة معسكر العثمانيين، فطلب الصدر الأعظم الصلح فعقدت اتفاقية قينارجة، والتي نصت على:

1- اعتراف العثمانيين باستقلال القرم، وكذلك إقليم بسارابيا (يمثل الآن جمهورية ملدافيا وجزء من أوكرانيا ومقاطعة دوبروجة من جمهورية رومانيا)، وكذلك منطقة قوبان الواقعة شمال غربي القوقاز، وكانت روسيا تهدف لاستقلال هذه المناطق تمهيدًا لاحتلالها.

2- حرية ملاحة السفن الروسية في البحر الأسود.

3- وأن تدفع الدولة العثمانية لروسيا غرامة حربية مقدارها 15 ألف كيس تدفع على ثلاثة أقساط في مطلع كل عام نصراني.

4- وأن يكون لروسيا حق حماية النصارى الأرثوذكس الذين يقيمون في الدولة العثمانية، وتُبنى كنيسة في إستانبول.

وواصلت روسيا تحقيق أهدافها فأشعلت الفتن في القرم لتجد لها مبررًا للتدخل, وبالفعل احتلت القرم واشتاطت الدولة العثمانية من تصرف الروس, وكادت تعلن الحرب عليها لولا ما أبداه السفير الفرنسي من استعدادات روسيا ومن تضامن النمسا معها، وانتظار الفرصة لتفتيت الدولة العثمانية.

وواصلت روسيا استفزازاتها للزج بالدولة العثمانية في حرب معها كي تقتطع منها المزيد من الأراضي, فأعلنت حمايتها على بلاد الكرج، وأطلقت لجواسيسها العنان لإثارة الفتن, وخاصة في الأقاليم ذات الأغلبية الأرثوذكسية مثل؛ الأفلاق والبغدان والمورة والصرب, وأخذت روسيا تشحن شعبها للحرب مع العثمانيين, فعندما زارت الإمبراطورة كاترينا الثانية القرم استقبلت بأقواس النصر المكتوب عليها الطريق إلى بيزنطة؛ والمقصود بها القسطنطينية.

فالروس أصحاب المذهب الأرثوذكسي لم ولن ينسوا أن العثمانيين أخذوا أقدس مكان لهم على الأرض, بل وحولوه إلى مسجد, فكانت أسمى أمانيهم السيطرة على إستانبول, وإرجاع ما كان في العهد القديم, وخاصة بعدما نقل مقر الكنيسة الأرثوذكسية إلى موسكو بصفة أن الروس حامي حمى الأرثوذكس في العالم وأقوى شعوبهم.

ولما علمت الدولة العثمانية بما يحدث, أرادت أن تبادر بالهجوم على الروس قبل أن ينقضوا عليها, فأبلغت السفير الروسي بعدة طلبات لروسيا؛ كي تجد سببًا لجرها للحرب, وهذه الطلبات هي:

- رفع الحماية عن بلاد الكرج.

- تعيين قناصل عثمانيين في السواحل التي تحتلها روسيا من البحر الأسود بدلاً من الذين يثيرون السكان.

- أحقية الدولة في تفتيش السفن الروسية التي تعبر مضيق الدردنيل.

- تسليم حاكم الأفلاق اللاجئ سياسيًّا لروسيا.

وكما هو متوقع رفضت روسيا الطلبات, فأعلنت الدولة العثمانية الحرب عليها, وجرت مناوشات بين الطرفين تمكنت روسيا عام 1203هـ من احتلال مدينة أوزي, وفي نفس الوقت انتهزت النمسا الفرصة للإغارة على بلاد الصرب، ولكنها فشلت في احتلالها.

التخلص من ضاهر العمر:
استطاع محمد أبو الدهب بأمر من الخليفة أن يتتبع ضاهر العمر في الشام، فحاصره في عكا, ثم فر إلى جبال صفد, ثم قتله عام 1188هـ.

وتوفي الخليفة عبد الحميد عام 1203هـ.
الخليفة سليم الثالث (1203- 1222هـ)
وهو ابن الخليفة مصطفى الثالث، تسلم الخلافة في وقت عصيب, فقد استطاعت روسيا أن تحتل إقليم الأفلاق والبغدان وبساربيا, وساعدها على هذا النجاح مساندة النمسا لها واحتلالها لبلاد الصرب ودخولها بلغراد.
ولكن جاءت عناية القدر, عندما ظهرت الثورة الفرنسية وانشغل الإمبراطور النمساوي بها, وخاف أن تمتد إلى بلاده, فعقد صلحًا مع العثمانيين عام 1205هـ أعاد إليها بلاد الصرب وبلغراد, ولكن روسيا لم تتوقف في حربها ضد الدولة العثمانية واستطاعت أن تحتل المزيد من الأراضي, وكانت إذا دخلت بلادًا للمسلمين ارتكبت الفظائع وتجردت معهم من الإنسانية.
معاهدة ياسي 1206هـ:
توسطت إنجلترا وهولندا وبروسيا بين العثمانيين والروس وعقدت معاهدة ياسي التي بمقتضاها:
1- تعود الأفلاق والبغدان للدولة العثمانية.
2- تعترف الدولة العثمانية بسيادة روسيا على القرم وبسارابيا ومدينة أوزي وجزء من بلاد الشركس.
الشئون الداخلية:
بعد المعاهدات التي أبرمت مع روسيا والنمسا حاول الخليفة إصلاح الشئون الداخلية للدولة, وجاء بفكرة الجنود النظامية ليتخلص من الإنكشارية الذين أصبحوا منبعًا للفتن والهزائم, وحاول تقليد أوربا بعد ما رأى التقدم الذي وصلت إليه, فجعل إنشاء السفن على الطريقة الفرنسية, واستعان بالسويد في وضع المدافع, وترجم المراجع العلمية في الرياضيات والفن العسكري.
وأثار إنشاء الجنود النظامية جنود الانكشارية, وخاصة بعد فصل الخليفة الأسطول والمدفعية عن الانكشارية, فثار الإنكشارية ومعهم الجنود غير النظاميين وأجبروا الخليفة إلغاء النظام العسكري الجديد, ولم يكتفوا بذلك بل عزلوا الخليفة عام 1222هـ.
الحملة الفرنسية على مصر وتوتر العلاقات:
ومما يذكر في عهد الخليفة سليم الثالث الحملة الفرنسية على مصر عام 1213هـ، التي استطاع فيها نابليون دخول مصر, فتحول أعداء الأمس إلى أصدقاء, وعرضت روسيا مساعدة العثمانيين في الحرب مع فرنسا, وكذلك أبدت إنجلترا استعدادها لذلك, وفي ذلك الوقت كان نابليون يواصل توغله في الأراضي العثمانية, فدخل بلاد الشام ولكنه فشل في دخول عكا لاستبسال واليها أحمد باشا الجزار ومساعدة الأسطول الإنجليزي له, ثم استطاع الأسطول الإنجليزي تدمير الأسطول الفرنسي في الإسكندرية عام 1213هـ، واندلعت الثورة في أنحاء مصر, وكان للجامع الأزهر كبير الأثر في ذلك, وكان من أهم نتائج الثورة قتل كليبر خليفة نابليون في مصر عام 1215هـ.
وأصبحت فرنسا في مستنقع تفقد فيه الكثير من جنودها, حتى نزلت القوات العثمانية والإنجليزية في مصر, وواصلت تقدمها إلى القاهرة, فاضطرت فرنسا للانسحاب من مصر عام 1216هـ بعد إبرام اتفاقية العريش، وعادت العلاقات لسابقها مع فرنسا وتجددت الامتيازات.
ثم عادت روسيا للعداء مع الدولة العثمانية, وخاصة بعد أن عزلت الدولة أميري الأفلاق والبغدان المؤيدين من قبل روسيا, تدعمها إنجلترا وهددا الدولة بدخول إستانبول, إن لم تعط إقليمي الأفلاق والبغدان لروسيا, وتعطى لإنجلترا أسطولها وقلاع الدردنيل, وكادت الدولة أن تخضع لهذه الشروط لأنها لا تملك القوة التي تستطيع المقاومة, إلا أن العناية الإلهية قد تمثلت في اختلاف المصالح بين الدول, فجاء السفير الفرنسي للخليفة وعرض عليه عون فرنسا, فوافق الخليفة وتوجه الأسطول الفرنسي إلى مدخل مضيق الدردنيل مطوقًا الأسطول الإنجليزي في بحر مرمرة، فاضطرت إنجلترا للانسحاب فورًا خوفًا من تدمير أسطولها وحاولت تعويض فرارها في الحملة التي شنتها على مصر بقيادة فريزر عام 1222هـ، ولكن شعب رشيد الباسل قد لقنها درسًا لن تنساه، فانسحبت تجر أذيال الخيبة وراءها.
وكان محمد علي أحد الجنود الذين جاءوا ضمن الجيش العثماني لإخراج الفرنسيين من مصر, فما لبث أن جذب إليه المماليك والعلماء والأهالي, حتى نصب واليًا على مصر عام 1220هـ، فما إن استتب له الأمر حتى تخلص من المماليك في مذبحة القلعة عام 1226هـ، وأثار الفتن بين العلماء لينفرد بالحكم وحده.
وفي عهد الخليفة سليم الثالث تكونت جمهورية مستقلة في بلاد اليونان تحت ضغط دول أوربا، وبرغم أن هذه الجمهورية تكون تحت حماية الدولة العثمانية إلا أن الوضع الذي أصبحت عليه سيمهد لها الطريق إلى الاستقلال التام عن الدولة العثمانية، كما سنرى في الصفحات المقبلة.
الخليفة مصطفى الرابع (1222- 1223هـ)
وهو ابن السلطان عبد الحميد الأول.
وفي ذلك الوقت لم ترد روسيا التخلي عن الأفلاق والبغدان, وفي نفس الوقت كانت روسيا في حرب مع فرنسا, وانتصرت فرنسا في الحرب ففرضت فرنسا رأيها على العثمانيين بأن يخلى الروس ولايتي الأفلاق والبغدان, على ألا تدخلها الجيوش العثمانية فوافق العثمانيون ولكن روسيا لم تترك الولايتين.
في البداية انصاع الخليفة لأوامر الانكشارية بعدما عزلوا عمه وعين قائدهم قباقجي أوغلي حاكمًا لقلاع البوسفور, ثم ما لبث أن اختلف الإنكشارية, وقتل قبابجي أوغلي وطلب القائد الجديد للإنكشارية إعادة الخليفة سليم الثالث, ولكن سليم وافته المنية فقتل الخليفة مصطفى القائد الجديد, فاجتمع عليه الإنكشارية وعزلوه وولوا أخاه محمود الثاني عام 1221هـ.
الخليفة محمود الثاني (1223- 1255هـ)
امتلأ عهد محمود الثاني بأحداث مهمة، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي.
الحركة الوهابية:
نتيجة للضعف الشديد الذي دب في أوصال الدولة العثمانية ظهر فيها اتجاهان:
الاتجاه الأول.. والذي أرجع ما وصلت إليه الدولة العثمانية من ضعف إلى الابتعاد عن الإسلام, الذي ما كان للمسلمين أن تقوم لهم قائمة في الأرض إلا بالتمسك به.
الاتجاه الثاني.. يقوم على ضرورة تقليد أوربا تقليدًا أعمى,؛ لكي نصل إلى ما وصلت إليه من تقدم وازدهار.
الاتجاه الأول: تمثل في الحركة الوهابية التي قامت في أنحاء الجزيرة العربية, واجتذبت إليها الكثير من أهلها.
والاتجاه الثاني: كان متمثلا في محمد علي, الذي أخذ في إرسال البعثات إلى أوربا لتأتي بكل ما تجده في أوربا, حتى لو كان لا يتفق مع الدين, ولذلك نجد الأوربيين قد أثنوا دائمًا عند الكتابة عن محمد علي, واعتبروا أن النهضة في مصر قد بدأت منذ عهده.
ولما زاد أتباع الحركة الوهابية, أوحى الأوربيون وغيرهم من أعداء الوهابيين إلى الدولة العثمانية بأنها حركة انفصالية خارجة على سلطة الدولة، وكانت الجيوش العثمانية في ذلك الوقت في حروب مع أوربا, فتركت مهمة القضاء على الحركة لمحمد علي, الذي استطاع أن يجهز جيشًا قويًّا يحمي به نفوذه ويخوض به المعارك, فأسرع ببناء أسطول لنقل القوات إلى ميناء ينبع على البحر الأحمر, ونزلت القوات التابعة لمحمد علي بإمرة ابنه طوسون, واستطاعت أن تسيطر على المدينة المنورة, ولكنه حوصر في الطائف فجاءه أبوه بنفسه, فاحتل مكة المكرمة ثم واصل طوسون زحفه في الجزيرة العربية, فأرسل إليه عبد الله بن سعود أمير الدولة السعودية الراعية للحركة الوهابية, وطلب الصلح فتم, ولكن طوسون اضطر للعودة إلى مصر بعدما سمع بتمرد جند والده, وما إن هدأت الأوضاع في مصر حتى بعث محمد علي حملة جديدة بقيادة ابنه إبراهيم, واستطاع الوصول إلى الدرعية قاعدة السعوديين، فاستسلمت وعقد الصلح في عام 1233هـ، وبذلك قضى على الحركة الوهابية، وسافر عبد الله بن سعود إلى إستانبول, بعد أن أمّنه الخليفة ولكن ما لبث أن قتل بمجرد وصوله.
الأوضاع في أوربا:
مع استمرار الحروب مع روسيا وإشعال فتن الاستقلال عن الدولة في ولاية الصرب, ومع تقدم الروس في الأراضي العثمانية, تجددت الخلافات بين فرنسا وروسيا, فمالت روسيا للصلح مع الدولة العثمانية,؛ لكي تتفرغ لقتال الفرنسيين فعقدت معاهدة بخارست التي تنص على سيادة الدولة العثمانية على الأفلاق والبغدان والصرب, وسيادة روسيا على بساربيا, واستطاعت روسيا أن تنتصر في حروبها مع فرنسا، مما اعتبره نابليون خيانة من العثمانيين.
ثورة الصرب:
وفي بلاد الصرب اشتد غيظ السكان من معاهدة بخارست التي تبقيهم تحت الحكم العثماني, فاندلعت الثورة فأخضعهم العثمانيون وفر زعماؤها إلى النمسا ما عدا تيودروفتش الذي أبدى طاعته للدولة، وهو في الحقيقة يعمل على زرع بذور الانفصال عنها في السكان, حتى إذا قويت شوكته أعلن التمرد عام 1230هـ فاصطدمت معه الجيوش العثمانية, حتى أبدى الطاعة مرة أخرى للخليفة على ألا تتدخل الدولة في شئون الصرب الداخلية، وأن تكون السيطرة للعثمانيين في الصرب على القلاع فقط فوافقت الدولة.
ثورة اليونان:
كنتيجة طبيعية لعدم تدخل الدولة العثمانية في عقيدة أو حضارة أو لغة الأمصار المفتوحة؛ افتقدت هذه الأمصار الارتباط مع الدولة العثمانية, وخاصة غير المسلمين, وكان من ضمن هذه الأمصار اليونان التي سافر العديد من أبنائها إلى أوربا, ليعودوا مشحونين بالنزعات الانفصالية عن العثمانيين, وأسسوا جمعيات سرية في النمسا وروسيا لدعم الانفصال عن العثمانيين, وما إن أعدوا العدة حتى أعلنوا التمرد على العثمانيين, فتوجه إليهم خورشيد باشا فهزم أمامهم وانتحر بعد الهزيمة.
فلم يجد الخليفة لإخماد الثورة في اليونان غير محمد علي الذي أتم فتح السودان, فأمر الأسطول المصري أن يتحرك بإمرة ابنه إبراهيم متوجها إلى اليونان للقضاء على الثورة, حتى يضمها هى الأخرى إلى مناطق نفوذه, واستطاعت الجيوش المصرية أن تحقق انتصارات كاسحة في اليونان, برغم الإمدادات التي كانت تنهال عليها من أوربا بأسرها, وتمكن من دخول أثينا عام241هـ فسارعت كل من روسيا وإنجلترا بالتدخل, وضغطت على العثمانيين لعقد معاهدة آق كرمان عام 1242هـ، وكان من أغرب ما تتسم به أنها لم تذكر شيئًا عن اليونان، بالرغم من أن التدخل كان بسبب الثورة في اليونان, ومن أهم بنودها حرية الملاحة لكافة السفن في البحر الأسود, وأحقية روسيا في المرور في مضائق البوسفور والدردنيل بدون تفتيش, إضافةً إلى أحقيتها في انتخاب أمير الأفلاق والبغدان, ولا يحق للعثمانيين عزل أي منهما إلا بموافقة روسيا, وأن تصير إمارة الصرب مستقلة ذاتيًّا, ويحتفظ العثمانيون فيها بثلاث قلاع فقط منهم بلغراد.
مؤتمر لندن:
واصلت أوربا استفزازها للعثمانيين لجرهم إلى الحرب, ففي عام 1242هـ طلبت إنجلترا من العثمانيين أن تكون الدول النصرانية هي الوسيط بين العثمانيين والولايات العثمانية ذات الأغلبية النصرانية, فرفضت الدولة, فجعلت أوربا هذا الرفض ذريعة للحرب, واتفقت روسيا وإنجلترا وفرنسا على حرب العثمانيين, إذا لم يعطوا اليونان الاستقلال التام, وأعطوا مهلة للخليفة شهر لسحب قواته من اليونان, فلم يمتثل لهم الخليفة فتوجهت أساطيل روسيا وإنجلترا وفرنسا إلى اليونان, وأمرت إبراهيم باشا بالانسحاب من اليونان، فضرب بكلامهم عرض الحائط, فدمر الحلف الأوربي الأسطول العثماني والمصري في اليونان، واستشهد ما يزيد على 30 ألف مصري في مقاومة الحلف الصليبي، ثم اضطر إبراهيم باشا إلى الانسحاب بمن بقي معه من الجنود، وعقد التحالف الصليبي مؤتمر لندن الذي دعيت إليه الدولة العثمانية, فرفضت الحضور فأعلن التحالف استقلال اليونان عن الدولة العثمانية, فرفضت الدولة العثمانية الاعتراف بقرارات المؤتمر.
معاهدة أدرنه:
أعلنت روسيا الحرب على العثمانيين, وتمكنت من احتلال البغدان والأفلاق, وعينت عليهم حاكمًا من قبلها, واستطاعت دخول مدينة وارنا (فارنا) البلغارية بعد خيانة أحد القادة العثمانيين, وهو يوسف باشا, الذي سلم المدينة لهم واستطاعت روسيا أيضًا أن تدخل شرقي الأناضول, ثم كانت الفاجعة باحتلالها مدينة أدرنه, وغدت قاب قوسين أو أدنى من إستانبول فأسرعت إنجلترا وفرنسا بوقف تقدم روسيا, وذلك ليس من أجل العثمانيين ولكن لأن وصول روسيا إلى إستانبول يهدد مصالح فرنسا وإنجلترا، فعقدت معاهدة أدرنه والتي من نصوصها:
1- عودة الأفلاق والبغدان ومقاطعة دوبروجة وقارص وأرضروم إلى العثمانيين.
2- عدم تفتيش سفن روسيا المارة في المضائق العثمانية.
3- أن تتمتع روسيا بنفس الامتيازات التي تتمتع بها الدول الأخرى.
4- أن يدفع العثمانيون غرامة حربية كبيرة لروسيا كتعويض لمصاريف الحرب.
5- استقلال بلاد الصرب وتسليم ما تحتفظ به الدولة من قلاعها.
وتأمل -أخي المسلم- البند الرابع كي تلاحظ أن دول أوربا لا تريد ترك الفرصة للعثمانيين أن يعيدوا بناء أنفسهم, ولا تنظيم جيوشهم وأن تزيد عليهم الخناق؛ حتى يكونوا فريسة سهلة في القضاء عليها.
احتلال الجزائر:
اختلقت فرنسا الذرائع التافهة لغزو الجزائر عام 1245هـ, واستطاعت أن تحتلها برغم استبسال المقاومة بقيادة عبد القادر الجزائري، الذي اضطر للاستسلام عام 1263هـ.
إلغاء الإنكشارية:
أصبح الإنكشارية -كما ذكرنا لفترة من الزمن- هم المسيطرون الفعليون على البلاد, يعزلون خليفة ويقتلون آخر, ويعينون ثالثًا, فعزم الخليفة محمود الثاني على القضاء عليهم, وخاصة بعدما سُرَّ بالنظام العسكري الحديث, والذي تمثل في جيش محمد علي, فاجتمع في بيت المفتي ودعا إلى الاجتماع مع كبار الدولة وكبار الإنكشارية وقرر إلغاء نظام الإنكشارية, فوافق الجميع إلا الإنكشارية, وحاولوا التمرد وتجمعوا في أحد ميادين إستانبول, فحصدتهم المدفعية العثمانية حصدًا في عام 1240هـ، وأعلن النظام الجديد للجند, والذي قلد فيه الأوربيين ودرب الجيش مدربون أوربيون, واتجه بالبلاد إلى تقليد أوربا حتى إنه تزيا بزيهم، واستبدل بالعمامة الطربوش.
زيادة أطماع محمد علي:
بعد أن ضم محمد علي الحجاز وجزيرة كريت إلى أملاكه لم يقتنع بكل هذا, بل بدأ زحفه على بلاد الشام عام 1247 بقيادة ابنه إبراهيم باشا, واستطاع أن يزيح جميع العقبات في طريقه, سواء من الولاة أم من الجيش العثماني, خاصة وأن الأسطول المصري يسير بجانبه, ويمده بما يحتاج, وامتد زحفه إلى الأناضول, فهزم القائد العثماني رشيد باشا وأخذه أسيرًا وأصبح قاب قوسين أو أدنى من إستانبول.
معاهدة كوتاهية 1248هـ:
وبرغم تشجيع أوربا لمحمد علي في بداية الأمر, إلا أنها خشيت أن يستعيد المسلمون قوتهم وأن يصبح محمد علي قوة تهددهم, فعرضت روسيا مساندتها للعثمانيين، وأرسلت 15 ألف جندي لإستانبول بحجة حمايتها, فخشيت إنجلترا وفرنسا من امتداد النفوذ الروسي وتوسطت للصلح مع محمد علي.
وبالفعل عقدت معاهدة كوتاهية عام 1248هـ، والتي نصت على:
1- انسحاب محمد علي من الأناضول إلى ما بعد جبال طوروس.
2- تكون مصر لمحمد علي مدة حياته.
3- يعين إبراهيم بن محمد علي واليًا على أضنة وهو الإقليم المتاخم للأناضول.
4- يعين محمد علي واليًا من قبله على ولايات الشام الأربع (عكا, وطرابلس, ودمشق, وحلب)، وعلى جزيرة كريت.
لم يقتنع محمد علي بمعاهدة كوتاهية, ولكنه أراد أن تكون مصر والشام وجزيرة العرب له ولأولاده من بعده، وراسل أوربا في ذلك, فتشاورت معه الدولة العثمانية, فاتفق الطرفان على أن تكون مصر وجزيرة العرب له وراثية، أما الشام فتكون له مدة حياته فقط. ولكن نشب الخلاف بين الجانبين في احتلال جبال طوروس, المانع الطبيعي بين الشام والأناضول, فسار الجيش العثماني بقيادة حافظ باشا وقد استعان العثمانيون بالقائد الألماني المشهور فون مولتكه, فالتقى بإبراهيم باشا في موقعة نزيب وكان النصر حليف إبراهيم باشا، ففر الجيش العثماني تاركًا عتاده وراءه.
وتوفي الخليفة محمود الثاني عام 1255هـ.
معاهدة خونكار اسكله سي:
أبرمت معاهدة بين الدولة العثمانية وروسيا تتعهد فيها روسيا بالدفاع عن الدولة العثمانية، وبالتالي أصبح لروسيا نفوذ كبير في الدولة.
الخليفة عبد المجيد الأول (1255- 1277هـ)
وهو ابن الخليفة محمود الثاني، تسلم الخلافة وكان عمره 18 سنة.

استمرار الحرب مع محمد علي:
ازدادت حدة الخلافات مع محمد علي, وخاصة بعدما رأى قائد البحرية العثمانية أن محمد علي هو الوحيد القادر على أن يعيد للدولة العثمانية, هيبتها المفقودة, فسار بالأسطول العثماني وسلمه لمحمد علي في الإسكندرية.

فدب الذعر في قلوب الدول الأوربية لزيادة قوة محمد علي, وبخاصة بعدما أصبحت الدولة العثمانية غير قادرة على الصمود أمامه، فقدمت كل من روسيا والنمسا وإنجلترا وفرنسا لائحة مشتركة إلى الخليفة بألا يتخذ قرارًا يتعلق بمحمد علي إلا بمشورتهم, ووعدوه بالتوسط بينه وبين محمد علي فوافق الخليفة.

ثم اجتمعت كل من إنجلترا وروسيا وبروسيا والنمسا عام 1256هـ، فعقدوا اتفاقية صدق عليها العثمانيون وانسحبت منها فرنسا وشجعت محمد علي رفضها ووعدته بأنها ستساعده في الوقوف ضد الدول الأخرى وكانت من النصوص المقترحة لهذه الاتفاقية:

1- أن ينسحب محمد علي من الأجزاء التي دخلها في أملاك الدولة العثمانية.

2- أن يحتفظ لنفسه فقط بمصر وجنوب الشام، وأن يكون لكل من إنجلترا والنمسا الحق في مساعدة السكان في الشام على عصيان محمد علي في الأجزاء الخاضعة له, وأن يكون لكل من النمسا وإنجلترا وروسيا الحق في دخول إستانبول إذا ما تعرضت لهجوم من محمد علي, أما إذا لم تتعرض فلا يدخلها أحد.

وفي مصر جاء قناصل إنجلترا وروسيا وبروسيا والنمسا يعرضون عليه في بداية الأمر أن تكون له مصر وراثية وعكا وجنوب الشام مدى حياته, ثم جاءوا ومعهم مندوب العثمانيين يخبرونه بأن مصر فقط ستكون له وراثية, فرفض وطردهم من مصر ولم تساعد فرنسا محمد علي كما وعدته فتركته يواجه مصيره أمام دول أوربا بمفرده وكان دور الدول المتحالفة كالآتي:

اكتفت روسيا بوجودها في إستانبول, أما إنجلترا فكان لها الدور الأكبر في نقل أساطيلها إلى الشام مع القليل من سفن النمسا، ونزلت القوات المتحالفة ببيروت, واستطاعت أن تحرز انتصارًا كبيرًا على جيوش محمد علي بقيادة ابنه إبراهيم باشا, فاضطر إبراهيم للانسحاب إلى مصر, وقضى على الكثير ممن معه أثناء العودة حيث انقضت عليهم القبائل العربية في الطريق.

ثم توسطت الدول الأوربية بين محمد علي والعثمانيين على أن تكون له مصر وراثية في مقابل أن يرد إلى العثمانيين أسطولهم, ويجعل جيشه محددًا بـ 18000جندى فقط, وألا يقوم ببناء أسطول وأن يدفع للعثمانيين 80.000 كيس سنويًّا.

معاهدة المضائق 1257هـ:
واستغلت إنجلترا وفرنسا الفرصة لنزع نفوذ روسيا من الدولة العثمانية, فاتفقوا جميعًا على إلغاء معاهدة خونكار اسكله سي, وأن تكون المضائق العثمانية مغلقة أمام الجميع.

حروب القرم مع روسيا:
كانت فرنسا فيما سبق تشرف على كنائس بيت المقدس, ثم أخذت روسيا مكان فرنسا أيام حرب نابليون, ثم أرادت فرنسا العودة لما كانت عليه فشكلت الدولة العثمانية لجنة من رجال الكنائس أقروا بأحقية فرنسا في الإشراف على الكنائس, فهددت روسيا بالحرب, واتصلت بإنجلترا تعرض عليها تقسيم الدولة العثمانية بينهما, وتكون لإنجلترا مصر فرفضت إنجلترا, ثم حاولت أن تغرى فرنسا بنفس الإغراء على أن تكون تونس لفرنسا, فرفضت, فهددت روسيا باحتلال الأفلاق والبغدان, إن لم تعد الدولة العثمانية معاهدة خونكار اسكله سي وتعطى لروسيا حق حماية النصارى في الدولة العثمانية, فلم يبد الخليفة أي اهتمام لتهديدات روسيا, وخاصة أن إنجلترا وفرنسا وعدتاه بالوقوف في وجه روسيا ضد أي عمل تقوم به.

تحركت الأساطيل الإنجليزية والفرنسية باتجاه مضيق الدردنيل لصد أي هجوم روسي مرتقب, وبالفعل احتلت روسيا إقليمي الأفلاق والبغدان وحاولت النمسا الصلح بين العثمانيين والروس بعقد مؤتمر ويانة (فيينا) 1269هـ، ولكن سعت إنجلترا وفرنسا لإفشال المؤتمر, وحثتا العثمانيين على رفض جميع اقتراحاته.

وتحالفت إنجلترا وفرنسا والنمسا ومملكة البيمونت بإيطاليا والسويد مع العثمانيين ضد روسيا, وتقدمت قوات الحلف على جميع الجبهات وضربت أساطيل إنجلترا وفرنسا ميناء سيباستيبول في شبه جزيرة القرم, وضربت الكثير من قلاعه بالإضافة للإغارة على الكثير من موانئ روسيا على البحر الأسود, وتوغلت القوات المتحالفة في أراضي روسيا حتى طلبت الصلح وعقدت معاهدة باريس 1275هـ والتي تنص على:

1- تبقى الأفلاق والبغدان تحت حماية الدولة العثمانية.

2- عودة الأراضي التي دخلتها القوات المتحالفة في روسيا إلى الروس, ويطلق سراح جميع الأسرى.

3- أن يكون للصرب استقلال ذاتي, وتكون في نفس الوقت مرتبطة مع العثمانيين.

4- ألا تقيم كل من روسيا أو العثمانيين أي قواعد بحرية حربية في البحر الأسود, تكون حرية الملاحة فيه للجميع.

5- تطلق حرية الملاحة في نهر الدانوب.

الفتن الداخلية:
واستمرت دول أوربا في إشعال الثورات في أنحاء الدولة العثمانية, فاتفقت الدول الأوربية على اتحاد الأفلاق والبغدان تحت حكومة شبه مستقلة تسمى حكومة الإمارات المتحدة, وتكون تحت حماية جميع الدول وحذرت الدولة العثمانية من قمع الثورات في الصرب أو الجبل الأسود وغالبًا ما كانت الدول الأوربية تدعم تلك الثورات.

وقد حدث اعتداء على النصارى في جدة, وأصيب قنصل فرنسا, وهدأ والي مكة الأوضاع, غير أن الإنجليز ضربوا جدة بالمدافع.

الفتن الطائفية في الشام:
تمتلئ منطقة جبل لبنان بالطوائف المختلفة من دروز وموارنة وشيعة ونصيرية وغيرهم, وكان الدروز لهم السيطرة على جبل لبنان ويدعمهم الإنجليز, أما الموارنة فكانت فرنسا تدعمهم, وفي عام 1257هـ دخل الدروز دير القمر واعتدوا على الموارنة, وارتكبوا أبشع المنكرات فيهم, وازدادت الاعتداءات بين الدروز والموارنة, والدولة تحاول تهدئة الوضع بالطرق السلمية, ولكنها فشلت ووجدت الدول الأوربية الفرصة للتدخل في شئون الدولة من جهة, وتقوية النصارى في الدولة من جهة أخرى, وبرغم إرسال الدولة الجيش ليسيطر على الموقف إلا أن دول أوربا أجبرت العثمانيين على السماح لهم بالتدخل, بحجة أن العثمانيين لا يستطيعون السيطرة على الموقف, وأرسلت فرنسا 6000 جندي إلى جبل لبنان عام 1277هـ, ثم أبرم اتفاق ينص على تكوين حكومة مستقلة في جبل لبنان تحت سيادة العثمانيين, يتولى رئاستها نصراني لمدة 3 سنوات لا يحق للدولة عزله إلا بعد موافقة الدول الأوربية, وبذلك انسحبت فرنسا من جبل لبنان، وتوفي الخليفة عبد المجيد عام 1277هـ.

الخليفة عبد العزيز (1277- 1293هـ)
وهو أخو الخليفة عبد المجيد ومما يذكر في عهده فتح قناة السويس عام 1285هـ، وقيام ثورة في جزيرة كريت عام 1283هـ وتم إخمادها، وكان الخليفة كثير التجوال في البلاد الخارجية, فزار مصر وزار دول أوربا, وحاول تقريب روسيا إليه حتى تخافه دول أوربا, وجاء أحمد مدحت باشا رئيس مجلس الشورى العثماني بفكرة عزل الخليفة, وتمكن من عزله ذلك عام 1293هـ، ومات قتيلاً وأشيع أنه انتحر.

الخليفة مراد الخامس (1293- 1293هـ)
تولى بعد أخيه الخليفة عبد العزيز, ولم يستمر عهده أكثر من 3 أشهر، وتم عزله بسبب اختلال عقله.
الخليفة عبد الحميد الثاني (1293- 1328هـ)
وهو ابن الخليفة عبد المجيد الذي توفي عام 1293هـ، تسلم الخليفة عبد الحميد الثاني الحكم وقد وصلت الدولة إلى مرحلة من الضعف والركود, سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي, فحاول الخليفة أن ينهض بها بل وبكل بلاد المسلمين التي باتت في حالة سبات عميق

بواسطة : hashim
 1  0  10806
التعليقات ( 1 )

الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    07-07-34 06:10 مساءً assma barça :
    مشكور اخي لكن لو تتفضلت و اخبرت القارئ ب المادة العلمية التى استعملتها
-->