• ×

الحجون في عيون الشعراء

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحجون في عيون الشعراء
حامد محمد الشريف
ذو القعده 1432

لبعض الأماكن لون وطعم ورائحة مختلفة تميّزه عن كثير من الأماكن الأخرى
والُحجون ، بفتح أوله على وزن فعول ، كما ذكر أكثر من مؤرِّخ ، هو الجبل
الذي يشرف على مسجد الجن أو مسجد البيعة الذي يعرف أيضا بمسجد الحرس
وفيه ثنيّة تمتد من حائط عوف إلى شِعب الجزارين و بأصله كانت المقبرة في الجاهلية .
وكانوا يرددون في الجاهلية هذين البيتين :
سائل بِطلحة بالبطاح ..... بِطاح مكة فالحجون
هل مثل طلحة فيكم ...... في من يقيم ومن يبين
وقد شهد الحجون كثير من الأحداث ، السياسية والدينية والاجتماعية على مر الأيام والعصور
مما جعل اسمه يتردد على ألسنة الناس ، وخاصة الشعراء ، الذين ما انفكوا يذكرونه في
شِعرهم وقصائدهم منذ عهد الجاهليّة إلى يومنا هذا مرورا بعصر الإسلام الذي شهد فيه
المكان على كثير من الأحداث الإسلامية المهمة - مثل تردد الرسول صلى الله عليه وسلم
عليه وتعليمه القرآن للجن إضافة إلى أنه أشرف مقبرة على الأرض بعد البقيع - وغيرها من الحوادث التي ليس مكان سردها هنا ، لأننا سنذكر فقط بعض الأشعار
التي قيلت فيه . ولا شك أن الحجون ذكر على لسان الشعراء في مئات القصائد ، ولعل من
أهمها وأقدمها وأكثرها تداولا على ألسنة الناس ، قصيدة مضاض بن عمرو الجرهمي التي
قالها عندما طردتهم خزاعة من مكة إلى قنوني ، فقد نزعت إبل له فخرج في طلبها قوجد
أثرها قد دخلت مكه ، فشاهدها من فوق جبل أبي قبيس وهي في بطن واد بمكة تُنحر
وتُؤكل ولا سبيل له إليها فولّى منصرفا وهو يقول :
وقائلة والدمع سَكْبٌ مبادر ..... وقد شرقت بالدمع منها المحاجرُ
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصّفا .... أنيسٌ ولم يسمر بمكة سامر
ولم يتربّع واسطا فجنوبه ..... إلى المنحنى من ذي الأراكة حاضرُ
فقلت لها والقلب مني كأنّما ..... يُلجلجه بين الجناحين طائرُ
بلى نحن كنّا أهلها فأبادنا ..... صروف الليالي والجدود العواثرُ
إلى آخر القصيدة .
وقال الحارثي بن خالد المخزومي قصيدة جميلة في الحجون كان يُتغنى بها :
يا بِشْر إني فاعلمي ..... والله مجتهدا يميني
ما إن صرمت حبالكم .... فصلي حبالي أو ذريني
إستبدلوا طلب الحجا ..... زوسرة البلد الأمين
بحدائقٍ محفوفةٍ ..... بالبيت من عنبٍ وتين
يا دار أقفر رسمها .... بين المحصّب والحجون
أقوت وغيّر آيها ...... طول التقادم والسنينِ
وقال الأعشى وهو يؤنب رجلاً ؛ ويخبره أنه مع علو شرف نسبه لم يبلغ مبلغ قريش ،
الذين هم سكان حرم الله ، والذين لهم حظ الشرب من زمزم :

فما أنت من أهل الحجون ولا الصفا

ولا لك حظ الشرب من ماء زمزم

وفي الحجون يقول كثيّر بن كثير :
كم بذاك الحجون من حيِّ صِدقٍ ..... من كهول أعِفّة وشباب
وهو يقصد أنهم مدفونون في مقبرة الحجون .
أما الإمام الفاكهي فينقل في كتابه أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه ، عن الزبير بن أبي بكر
قول هند بنت عتبة :
لحا الله كلّ صائبةٍ بِوِجّ .... ومكّة أو بأطراف الحجون
تدين لمعشرٍ قتلوا أباها ..... أقتل أبيك جائك باليقين
وقال قيس بن ذريح في قصيدته التي مطلعها :
أضوء سنا برقٍ بدا لك لمعه ..... بذي الأثل من أجرع بيشة ترقب
ومنها
عفا الله عن أم الوليد أما ترى ..... مساقط حبي كيف بي تتلعّب
إلى أن يقول :
تظن بنا الظن المكذّب أنه .....وراكبه دارا بمكة يطلب
فلا والذي مسّحت أركان بيته ..... أطوف به في من يطوف ويحصب
نسيتك ما أرسى ثبيرٌ مكانه ..... وما دام جارا للحجون المحصّب
ويقول عمر بن أبي ربيعة المخزومي القرشي :
قف بالطواف ترى الغزال المحرما .... حج الحجيج وعاد يقصد زمزما
عند الطواف رأيته متلثّما ..... للركن والحجر المعظم يلثما
أقسمت بالبيت العتيق لتخبري .... ما الإسم قالت من سلالة آدما
ألإسم سلمى والمنازل مكة ..... والدار ما بين الحجون وغيلما
وقال السيد جعفر الميرغني في سيدة الفخار أم المؤمنين خديجة بنت خويلد :
قف بالحجون سويعة يا حادي ..... واقْرِ السلام أهيل ذاك الوادي
وأنخ ركاب الشوق في سوح العلا .... سوح الكرام السادة الأمجاد
واقصد هناك فريدة الحسن التي ..... حوت الفخار بسيد العبّادِ
وقُلِ السلا عليك يا أم الورى .... . زوج الرسول الهاشمي الهادي
أم البتول خديجة ذات التقى ..... من بُشِّرت بالفوز والإسعادِ
وفي السيده خديجه أيضا يقول الشاعر صبري الصبري :
سل عن خديجة هاهنا الأنحاء .... وسل الربوع وسائل الأرجاءَ
وسل الحطيم ومروة وسل الصّفا ..... وسل المقام وكعبةً غرّاءَ
وسل الشّبيكة والنقا والمدّعى ..... وسل الحجون وسائلنَّ كداءَ

وقال أبو الحسن علي بن عبدالله النميري الششتري الأندلسي :
مِلْ بنا يا سعد وانزل بالحجون .... هذه الأعلام تبدو للعيون
والتفت غربيّها كيما ترى .... نار من تهواه بالشِّعب اليمين
لِلْقِرى شبّت قديما نارها ..... وهي لا تطفى على طول السنين
وقال أيضا في قصيدة مطلعها:
حرّك الوجد في هواكم سكوني ..... وعليكم عواذلي عنّفوني
يا غريبَ النَّقا لقد جرَّعوني .... بالصُّدود كاس الرَّدى والمنونِ
ارحموا من قضى جَوى في هَواكم ..... وقِفوا عند رَوْضتي بالحجونِ

والقصائد في الحجون أكثر من أن تحصى ، ولكن سأختم بهذه القصيدة من الشعر الشعبي
لطرافتها وهي بعنوان ريع الحجون مع انني لم أقف على قائلها الذي يقول :
ألله يا ريع الحجون ..... لك في الحنايا أمكنهْ
أسهر ويسهر بي الشّجون .... يا ريع قلبي يسكنه
يا ما لعبنا البرجون ..... بزقاق خاله آمنه
ويا ما تحدينا السكون ..... لعب وصياح ودندنه
ونغازل البنت الفتون ..... أم العيون الفاتنه
مِنْ يشتري العقل ابْجنون ..... وينك زمان الورعنه
لا همّ لا فِكْر اوظنون ..... كيرم وكورا اوضومنه

بواسطة : hashim
 1  0  7055
التعليقات ( 1 )

الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    05-12-32 06:58 صباحًا الشريف هيثم بن عبدالله البركاتي :
    سؤال من فتح طريق جبل الحجون و لماذا لم يذكر ذلك ؟
-->