• ×

وأدوا الأمانة

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
وأدوا الأمانة
لحامد محمد الشريف
11-11-2011

لا شك أن للوثائق، من مراسلات وحجج وصكوك ومبايعات وما إلى ذلك من الوثائق المصدقة التي لم يدخل إليها تحريف أو تزييف ، دورا مهما في توثيق الأنساب لا يقل في كثير من الأحيان عن دور الكتب والمصنفات ، بل إنه مكمل لها عند بعض الفقهاء والنسابة ، خاصة في منطقتنا العربية التي قل فيها من يعرف الكتابة والقراءة في فترات زمنية سابقة.
وهذه الوثائق والحجج وما شابهها لتأخذ صفة الحجية لا بد أن يتوفر لها بعض الشروط التي من أهمها أن تكون معتمدة وموثقة من أية جهة حكومية أو غير حكومية ،وأن تحتوي على تواريخ واضحة ، وأن تكون معلومة وغير مبهمة وأن لا تكون مخالفة لما هو متعارف عليه عند أهل البلد وعند عامة النسّابة .
ويحتفظ الناس في الجزيرة العربية بآلاف الوثائق من هذا النوع الذي سبق الحديث عنه ، يتداوله النسابة فيما بينهم خاصة بعد تطور التقنية من تصوير ونقل من جهة لأخرى بيسر وسهولة ، وكم من عمود نسب تم تصحيح بعض ما شابه من أخطاء أو تدليس أو ما شابه ، وكم من أسرة ألحقت بعمود نسب معين بواسطة تلك الوثائق التي عثر عليها عند بعض كبار السن أو أفصح عنها ورثة شخص كان يخفيها لسبب أو لآخر . وكم من أسرة وأبناء عمومة التأم شملهم عن طريق هذه الوثائق فهذه الوثائق مهمة أيضاً في إعانة الناس على صلة رحمهم والتواصل مع أقربائهم ومع ذلك نجد أن هناك فئام من الناس يشحون بما لديهم من وثائق وحجج ، ويحجبونها عنوة عن طالبها رغم معرفتهم بأهميتها له ، إما للحفاظ على غرض من أغراض الدنيا كالورث، أو رغبة في المتاجرة فيها، وبيعها لمن يدفع الثمن المناسب لهم ، وهذا ليس من الأمانة بمكان ، والأمانة كما نعلم هي أداء ما أتمن عليه الإنسان من حقوق مادية أو معنوية ، وهي ضد الخيانة ، وهي من أنبل الصفات وأشرف الفضائل وقد مدح رب العزة والجلال المتحلين بها في كتابه الكريم حيث قال " والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون " ،وقال " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " وقال جل من قائل " إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا " .
بل إن حجب هذه الوثائق والحجج بما تحويه من معلومات موثقة تخص افرادا وأسر بعينهم لهو من كتم الشهادة ، لأن ما في هذه الوثائق يأخذ صفة الشهادة ، فهي تشهد أن فلانا أوفلانة من الناس تدخل في هذه الأسرة أو لا تنتمي لهذه الأسرة وهكذا ، والحق سبحانه وتعالى يقول في محكم التنزيل " ولا تكتموا الشّهادة ومن يكتمها فإنّه آثم قلبه " وكتم الشهادة هو إخفائها والإمتناع عن أدائها، وإخفاء الوثائق والحجج والصكوك التي توجد بها معلومات تهم بعض الناس حين طلبها ، يعتبر كتماً للشهادة ومن يفعل ذلك فإنه آثم قلبه بنص الآيه . فعلى كل من يمكنه الله من بعض تلك الوثائق ، أن يبادر إلى نشرها ما استطاع ، وإظهارها بكل رحابة صدر وأريحية لمن يطلبها لمقارنة ما لديه من معلومات بما فيها ، أو الإنتفاع بما جاء فيها من معلومات لا توجد عندغيره من الناس .
والله أعلم وصلى الله على سيدنا وقدوتنا محمد بن عبدالله وسلم تسليما كثيراً.






بواسطة : hashim
 2  0  7665
التعليقات ( 2 )

الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #2
    06-01-35 12:38 صباحًا خزانة التاريخ :
    ياشريف حامد جزاك الله خيرا وبارك فيك على هذا التوجّيه السليم والنداء الهام , لعل من بيده وثائق , لأناس لا بعلمون عنها , نوجّه لهم هذا النداء ,الذي نسأل الله تعالى , أن يجعله في ميزان حسناتك . وأن يوفق ويعين كل من بيده وثائق لأشخاص لا يعلمون عنها , أن يستجيبوا لهذا النداء , على آداء الأمانة . وتسليمها لأهلها وأصحابها الحقيقيين .

    وكما ذكرت أنا في تعليق لي على موضوع آخر :
    ان من أهم الأسباب التي تؤدي إلي إخفاء الوثائق وعدم إظهارها .
    يرجع لعدة أسباب :

    إن كانت تلك الوثائق تخّصهم هم بأنفسهم فقط . لما فيها من أمور مخّفية .فلو ظهرت وبانت , كان من ظهورها ليست في صالحهم , ربما تنطق الوثائق بنسب غير نسبهم الحقيقي الذي نطفت وأشارت اليه هذه الوثائق , وربما قد إلتحقوا بنسب غير نسبهم الحقيقي الذي سجل ودوّن في الوثائق .
    فمن هذا الباب أخي الفاضل , يخّفون الوثائق ولا يبدونها , ولم ترى النور بعينها .
    لأنها لو ظهرت هذه الوثائق وبانت , لفضحت أمرهم وكشفت حقيقتهم , من هذا المنطلق يخفونها ولا يبدونها . هذا بالنسبة للبعض ممن وثائقهم خاصة بهم فقط .


    - أما بالنسبة ,إن كانت تلك الوثائق لأناس غيره ولا تخّصه , ولا علاقة له بها , هي بمثابة أمانة لديه , يجب عليه أن لا يخّفيها , وأن يبديها ويسلمها لأهلها وأصحابها الحقيقيين , لكي يبريء ذمته . وبخاصة جدا , إن كان الأمر فيها , يتعلق بحقوق شرعية مالية . من إرث أو شراكة أو هبه أو وقف أو تعصيب أودين .... فبهذا الإخفاء قد يحرم أصحابها , من حقوقهم الشرعية . فعليه المبادرة بالإسراع , من تبرئة ذمته .

    والله تعالى أعلم .
-->