• ×

تعليق الحافظ الذهبي على حديث: يأتي على الناس زمان ليس فيهم مؤمن

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
«قطف الأزهار من تعليق الحافظ الذهبي لحديث نبي الأمة المختار»

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمَّا بعد: فقد كنت جمعت قبل نحو عقدين من الزمان أثناء مطالعاتي في كتب الإمام الحافظ محمد بن أحمد الذهبي(ت748هـ) رحمه الله، الفوائد والدرر من كلام الذهبي في مختلف علوم الحديث، ومنها: تعليقاته القيمة على بعض الأحاديث، ولم أنشط لأخراجها لانشغالي؛ ومؤخراً زارني أحد الأخوة الأفاضل، ورأى تعليقات الحافظ الذهبي على الأحاديث النبوية والآثار التي جمعتها، فحثني على إخراج مختارات من هذه التعليقات، ولو على شبكة الانترنت لقيمتها العلمية.
فاستحسنت رأيه رغبة في الأجر، وإفادة أهل العلم بنشر علم هذا الإمام؛ فأقول وبالله التوفيق:
الحافظ الذهبي غني عن التعريف، فمؤلفاته التي قاربت الثلاثمائة أثارت إعجاب كبار علماء الإسلام في زمانه، فانكبوا عليها، ونهلوا منها؛ ومازال علماء الإسلام من ذاك الزمان إلى يومنا هذا ينهلون من علمه الغزير، منبهرين من فقهه، ونقده للأخبار والآثار والرجال؛ فهو فريد دهره، وذهبي عصره، وقد وصفه علماء زمانه بهذا وأكثر من ذلك.
قال تلميذه الفقيه تاج الدين السبكي(ت771هـ): «أما أستاذنا أبو عبدالله فبحر لا نظير له ، وكنز هو الملجأ إذا نزلت المعضلة، إمام الوجود حفظًا، وذهب العصر معنى ولفظًا، وشيخ الجرح والتعديل ورجل الرجال في كل سبيل، كأنما جمعت له الأمة في صعيد واحد فنظرها ثم أخذ يخبر عنها إخبار من حضرها».
وقال تلميذه المؤرخ صلاح الدين الصفدي(ت764هـ): «حافظ لا يجارى، ولافظ لا يُبارى، أتقن الحديث ورجاله ونظر علله وأحواله، ذهن يتوقد ذكاؤه ويصح إلى الذهب نسبه وانتماؤه، لم أجد عنده جمود المحدثين، بل هو فقيه النظر، له دُربة بأقوال الناس ومذاهب الأئمة من السلف وأرباب المقالات».
وقال الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي(ت842هـ): «الذهبي الإمام، الحافظ الهمام، مفيد الشام، ومؤرخ الإسلام، ناقد المحدثين وإمام المعدلين والمجرحين، كان آية في نقد الرجال، عمدة في الجرح والتعديل، عالمًا بالتفريع والتأصيل، إمامًا في القراءات، فقيها في النظريات، له دراية بمذاهب الأئمة وأرباب المقالات، قائمًا بين الخلف بنشر السنة ومذهب السلف».
وإذا تأملت أخي القارئ- مصنفات هذا الإمام ونظرت في نفسه العلمي، وتحقيقاته البديعة، وتحريراته العلمية، ستلحظ علو كعبه في علوم الشريعة لاسيما علوم السُّنة، وتخضع لعلمه.
وقد سميت هذه المُلحُ والفوائد بـ «قطف الأزهار من تعليق الحافظ الذهبي لحديث نبي الأمة المختار».

وكتبه
أبو هاشم إبراهيم بن منصور الهاشمي الأمير
ص. ب: 10403 جـدة 21433
المملكة العربية السعودية
البريد الالكتروني: hashemi89@hotmail.com
7/2/1433هـ


[الحديث الأول]
تعليق على حديث:‏ ‬يأتي‏ ‬على الناس زمان ليس فيهم مؤمن‏
قال الحافظ الذهبي في‏»‬ميزان الاعتدال»: «‬معناه أي‏ ‬مؤمن كامل الإيمان،‏ ‬فأراد: ‬ليس فيهم مؤمن سليم من النفاق بحيث أنه‏ ‬غير مرتكب صفات النفاق من إدمان الكذب والخيانة،‏ ‬وخلف الوعد والفجور والغدر،‏ ‬وغير ذلك. ‬ونحن اليوم نرى الأمة من الناس من أعراب الدولة‏ ‬يجتمعون في‏ ‬المسجد وما فيهم مؤمن،‏ ‬بل ونحن منهم. ‬نسأل الله توبة وإنابة إليه،‏ ‬فإن الله تعالى‏ ‬يقول في‏ ‬كتابه‏: ‬ ﴿قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾ ‏.‬
وهذا باب واسع‏ ‬ينبغي‏ ‬للشخص أن‏ ‬يترفق فيه بأمة محمد‏‬،‏ ‬فلا‏ ‬يسلبهم الإيمان والإسلام،‏ ‬كفعل الخوارج والمعتزلة المكفرة أهل القبلة بالكبائر،‏ ‬ولا ننعتهم بالإيمان الكامل كما فعلت المرجئة،‏ ‬فالمسلم هو من سلم المسلمون من لسانه ويده‏«.
❊❊❊❊‬



بواسطة : hashim
 2  0  5400
التعليقات ( 2 )

الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    08-02-33 11:15 صباحًا أبو محمد الشنبري :
    بارك الله لنا فيك وفي علمك

    وبارك الله لك في رزقك وعمرك

    وجعلها الله في ميزان حسنات أعمالكم

    ابن العم وشيخنا
    الشريف إبراهيم بن منصور الهاشمي الأمير
  • #2
    08-02-33 08:31 مساءً ثامر الشنبري :
    بارك الله فيك أبا هاشم ونفع بكم

    قال تعالى :

    (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ) (البقرة:143)
-->